لا نريد في هذا الموضوع أن نحصي ونجمع كل ما ورد في كتب أهل السنة من الأحاديث النبوية الدالة على إمامة أهل البيت عليهم السلام ولزوم التمسك بهم، بل الإحصاء والاستقصاء التام صعب مستصعب؛ لكثر الأحاديث النبوية وتواترها في هذا الموضوع.. وإنما نريد في هذا الموضوع أن نأتي بشواهد وأمثلة؛ حتى يعرف أولو الألباب وأهل الإنصاف مكانة إمامة أهل البيت في الموروث الروائي السني، فإذا كان مخالفو أهل البيت يروون كل هذه المتون، فما هو القدر الحقيقي لتلك المتون، وماذا لو تطرقنا إلى الأحاديث الشريفة في مصادر شيعة أهل البيت عليهم السلام؟
فيما يلي نستعرض بعض أدلة إمامة أهل البيت في الأحاديث النبوية من كتب أهل السنة.
1 ـ حديث الثقلين:
وله ألفاظ متقاربة، منها قول النبي صلى الله عليه وآله: (يا أيها النَّاس ! إنِّي تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلُّوا : كتابَ الله ، وعترتي أهلَ بيتي) ، أخرجه التِّرمذي في سُننه : (5 / 327) . ومنها قول النبي صلى الله عليه وآله: (قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلُّوا : كتابَ الله ، سَبَبُهُ بيده ، وسَبَبُهُ بأيديكم ، وأهل بيتي) ، أخرجه بهذا اللفظ إسحاق بن راهويه في مُسنده كما في المطالب العالية لابن حجر العسقلاني : (4 / 252) برقم (3943) . ومنها قول النبي صلى الله عليه وآله: (إنِّي تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلُّوا بعدي ؛ أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتَّى يردا علَيَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما) أخرجه بهذا اللفظ التِّرمذي في سُننه: (5 / 329) . ومنها قول النبي صلى الله عليه وآله: (إنِّي تارك فيكم خليفتين: كتابَ الله عزَّ وجلَّ ، حبلٌ ممدود ما بين السماء والأرض ، أو ما بين السماء إلى الأرض ، وعترتي أهلَ بيتي ، وإنَّهما لَن يتفَرَّقا حتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوض) ، أخرجه بهذا اللفظ أحمد بن حنبل في المسند: (5 / 181 ـ 182 ، 189) . إلى غير ذلك من الألفاظ، وفيما يلي قائمة ببعض مصادر حديث الثقلين في كتب أهل السنة:
مسند أحمد بن حنبل: (3 / 14 ، 17 ، 26 ، 59) و(4 / 366 - 367) و(5 / 181 - 182 ، 189 ـ 190) دار صادر ـ بيروت.
سنن الدارمي: (2 / 431 ـ 432) دار الفكر ـ بيروت.
صحيح مسلم: (4 / 1873 ، 1874) دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
سنن الترمذي: (5 / 327 ، 328) دار الفكر ـ بيروت. وفي طبعة أخرى للدار نفسها: (5 / 621 ، 622).
السنن الكبرى للنسائي: (5 / 45 ، 51 ، 130) دار الكتب العلمية ـ بيروت.
صحيح ابن خزيمة: (4 / 62 ـ 63) المكتب الإسلامي ـ بيروت.
المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري: (3 / 118 ، 160 ـ 161) دار الكتب العلمية ـ بيروت.
سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني: (4 / 356 وما بعدها) ، المكتب الإسلامي ـ بيروت.
2 ـ حديث السفينة:
رُويَ عن أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام [ذخائر العقبى للمحب الطبري : 20] ، وأبي ذر [المستدرك للحاكم: 3/150 - 151] ، وأبي سعيد الخدري [المعجم الصغير للطبراني: 2/22] ، وابن عباس [المعجم الكبير للطبراني: 3/46] ، وأنس بن مالك [تاريخ بغداد للخطيب : 12/90] ، وعبد الله ابن الزبير [مجمع الزوائد للهيثمي : 9/168] ، وسلمة بن الأكوع [مناقب أمير المؤمنين لابن المغازلي: 188 ، برقم 174] .
ومن ألفاظه: قوله صلى الله عليه وآله وسلم - وهي روايةُ أبي سعيد الخدري - : "إنَّما مَثَلُ أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلَّف عنها غرق، وإنَّما مَثَلُ أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له" .
وقد أخرج حديث السفينة كلٌّ من:
1 - الحافظ ابن أبي شيبة الكوفي (ت 235 هـ) في "المُصنَّف" (7/503) .
2 - الحافظ الطبراني (ت 360 هـ) في "المعجم الصغير" (1/139 - 140) و(2/22) ، وفي "المعجم الأوسط" (4/10) و(5/306 ، 354 - 355) و(6/85) ، وفي "المعجم الكبير" (3/45 - 46) و(12/27) .
3 - الحافظ ابن سلامة القضاعي (ت 454 هـ) في "مسند الشهاب" (2/273 - 275) .
4 - الحافظ الخطيب البغدادي (ت 463 هـ) في "تاريخ بغداد" (12/90) .
5 - ابن المغازلي الشافعي (ت 483 هـ) في "مناقب أمير المؤمنين عليه السلام" : 100 ـ 101 .
وهو في "كنز العمال" (2/434 ـ 435) عن القطان في "أماليه" و"ابن مردويه" ، وفي (12/95) عن "البزَّار" .
وعن هذه المصادر وغيرها أورده الكثير من علماء أهل السنة.
3 ـ حديث الأمان:
وهو قول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : (النُّجوم أمان لأهل السماء، وأهلُ بيتي أمان لأُمَّتي) ، أورده بهذا اللَّفظ السيوطي في الجامع الصغير (2 / 680) . وفي لفظٍ آخر: (النُّجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمَّتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلةٌ من العرب اختلفوا فصاروا حزبَ إبليس) ، أورده بهذا اللَّفظ المُتَّقي الهندي في كنز العُمَّال (12/102).
وممَّن روى هذا الحديث في إطار أهل السنَّة والجماعة: الحافظ الطبراني في المعجم الكبير (7 / 22) ، والحاكم افي المستدرك على الصحيحين (2 / 448) و(3 / 149) و (3 / 457) ، ورواه الحافظ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق (40 / 20) ، وأورده الطبري في ذخائر العقبى: ص17 ، وأورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير (2 / 680) ، والصالحي الشامي في سبُل الهدى والرشاد (11 / 6 ـ 7) .
4 ـ قول النبيِّ ـ صلى الله عليه وآله ـ : (في كلِّ خلف [خلوف] من أُمَّتي عدول من أهل بيتي، ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين، وانتحال المُبطلين، وتأويلَ الجاهلين، ألا وإنَّ أئمَّتَكم وفدكم إلى الله تعالى، فانظُروا من تُوفِدُون) . أورده الطبري في ذخائر العقبى: ص17 مكتبة القدسي، والقندوزي في ينابيع المودة (2 / 113 ـ 114) دار الأسوة.
5 ـ قول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : (يا معاشـر أصحابي إنَّ مثلَ أهل بيتي فيكم مثلُ سفينة نوح، وباب حطَّة في بني إسرائيل، فتمسَّكوا بأهل بيتي بعدي، الأئمَّةِ الراشدين من ذُرِّيَّتي، فإنَّكم لن تضلُّوا أبدًا . فقيل: يا رسول الله؛ كم الأئمَّةُ بعدك؟ قال: اثنا عشر من أهل بيتي ـ أو قال ـ من عترتي). أخرجه الحافظ أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي في مسند الفردوس عن أبي سعيد الخدري، نقله عنه في خلاصة عبقات الأنوار (4 / 211) .
6 ـ قول النبي ـ صلى الله علي