قصيدة غنائية للعامل الأميركي بمناسبة عيد العمال في الولايات المتحدة
04 ايلول/سبتمبر 2012
العطل الرسمية في الولايات المتحدة
على عكس أيام العطل الأميركية الأخرى، لا يُكرِّم عيد العمل فردًا معينًا، ولا يُحيي ذكرى حدث تاريخي محدد. إنه يُعطي للعامل الأميركي صوتًا.
فموجة الابتكار التي دفعت الصناعة خلال القرن التاسع عشر مهّدت الطريق لنشوء "الطبقة العاملة" من الناس الذين يوظفهم آخرين – وفق شروط هؤلاء الآخرين. وبحلول أواخر القرن التاسع عشر كانت ظروف العمل السيئة مصدرًا للنزاعات الاجتماعية ولا سيما في المدن، حيث كان المهاجرون يصلون إليها بأعداد كبيرة.
أثارت الحركة العمالية مشاعر مختلطة في أميركا، ولكن العديد من العمال كانوا يؤمنون بأنها تقدم لهم صوتًا موحدًا من شأنه أن يُسارع في إجراء التحسينات. لعبت النقابات العمالية المنظمة دورًا في التطور الاجتماعي والثقافي في أميركا- وكذلك في وضع الحمايات للعمال والاحتفال بأول عيد للعمل.
ففي 5 أيلول/سبتمبر 1882، استضافت نقابات العمال في نيويورك "عطلة الرجل العامل". أخذ يومها حوالي 10 آلاف عامل يوم عطلة غير مدفوع الأجر للمشاركة في مسيرة للمطالبة بتخفيض ساعات العمل اليومية التي كانت تتراوح بين 12 - و16 ساعة. تجمّع ربع مليون شخص من سكان نيويورك لمشاهدة الاستعراض الذي انتهى بنزهة لتناول الطعام في الهواء الطلق لعائلات العمال.
وكتبت صحيفة نيويورك تايمز في اليوم التالي أن "أولئك الذين شاركوا في الموكب كانوا مبتهجين وشاكرين جداً للعرض. وكانت غالبيتهم تدخن السيجار، وبدوا جميعًا على أنهم مصممين على قضاء وقت ممتع وتناول المأكولات في نزهات في الهواء الطلق، كما رُفعت لافتات تدعو لـ"ثماني ساعات ليوم عمل قانوني" و"ساعات عمل أقل وأجر أكبر".
واصلت النقابات العمالية هذا الاحتفال السنوي، وفي عام 1894، ثبّت الكونغرس أول يوم إثنين من شهر أيلول/سبتمبر كيوم عطلة رسمية للاحتفال بعيد العمل. وفي نهاية المطاف، أصبح يوم العمل من ثماني ساعات المعيار القانوني في عام 1940 وذلك من خلال التعديلات التي أدخلت على قانون معايير العمل المنصفة لعام 1938، والتي منعت أيضًا تشغيل الأطفال وحددت بعض الأجور المعينة.
أصوات أخرى
طوال تاريخ البلاد، كان النحاتون والموسيقيون والمؤلفون والرسامون يحفرون أفكارهم حول حياة العمال في الوعي الاجتماعي العام.
الفنان والفيلسوف اللبناني الأميركي جبران خليل جبران قدم تأملاته حول ذلك في مجموعة من التأملات الروحية في كتابه "رمل وزبد" الصادر عام 1926، إذ قال، "الرجل العظيم ذلك الذي لا يسود ولا يُساد".
كلمات جبران محفورة في أسفل أقواس النصب التذكاري "التسامي"، وهو نصب بارتفاع 19.2مترًا مصنوع من الصلب وحجر الجرانيت تخليدًا لتراث العمل ويعلو فوق ساحة "هارت بلازا" في ديترويت، قلب صناعة السيارات الأميركية والشاهد على النجاحات الرائعة والهزائم المدمرة للعمال.
كتب فيليب ليفين، الذي ترعرع في ديترويت خلال الأوقات العصيبة، رسالة شاعرية حول الطبقة العاملة. وتميزت الثلاثينات من القرن العشرين بتوقفات عن العمل "بالإضرابات" العمالية والتوقف عن العمل. اتسمت تلك الفترة بالاضطرابات ورسمت خلفية ترعرع ليفي، الذي وصل إلى ديترويت عام 1928 كطفل حديث الولادة لمهاجرين يهود روس.
جماعة ووحدانا
بالعودة إلى موضوع عطلة يوم العمل الأصلية في نيويورك، باتت الحكومات المحلية تستضيف النزهات لتناول الطعام في الهواء الطلق والأحداث الرياضية في عيد العمل، كما أصبحت المدارس والمكاتب تغلق أبوابها في هذا اليوم.
ويلقي قادة النقابات العمالية والمسؤولون الحكوميون الخطب لتكريم الإنجازات الجماعية للعمال الأميركيين.
لكن لدى الأميركيين تعريفات متعددة لما يشكله العمل تستند إلى العديد من التجارب المختلفة، لذلك فإن اليوم المخصص لتكريم عملهم يعكس هذه الاختلافات. وسواء أرادوا المشاركة في الاستعراضات أم لا، أو ممارسة رياضة السباحة أم لا، أو زيارة الأصدقاء أم لا، فإن الأميركيين يكرمون ما يعتبرونه جوهر عيد العمل، وذلك بكل بساطة من خلال أخذ يوم عطلة أم لا.
شاعر نوبة العمل الليلية
كان ليفين يعمل في المصانع بينما كان يدرس في جامعة في ديترويت، ومن بين ذلك نوبة عمل ليلية في مصنع لمسننات تغيير السرعة ومحاور السيارات.
نشر ليفين العديد من دواوين الشعر. وفاز ديوانه "الحقيقة البسيطة" (1994) بجائزة بوليتزر، وفاز ديوانه "ما هو العمل" (1991) بجائزة الكتاب القومية. وصف ليفين كتاباته حول العمال قائلاً، "لقد أخذت على نفسي هذا العهد الغبي بأن أتحدث نيابة عنهم، وبأن هذا ما ستكون عليه حياتي."
فيما يلي مقتطفًات من ديوانه "ما هو العمل":
...
الآن فجأة بِت غير قادر على تحمل
الحب الذي يغمرك تجاه أخيك،
الذي ليس بجانبك أو خلفك أو
أمامك لأنه في منزله يحاول أن
ينام بعد نوبة ليلية بائسة
في (شركة) كاديلاك كي يتمكن من النهوض
قبل الظهر لدراسة لغته الألمانية.
يعمل ثماني ساعات في الليلة كي يتمكن من غناء
موسيقى فاغنر ...
من ديوان فيليب ليفين " ما هو العمل"
(ألفريد أي. كنوف، 1991)
يستطيع القراء على الإنترنت الاستماع إلى فيليب ليفين يقرأ من ديوانه "ما هو العمل" في مكتبة الكونغرس.
04 ايلول/سبتمبر 2012
العطل الرسمية في الولايات المتحدة
على عكس أيام العطل الأميركية الأخرى، لا يُكرِّم عيد العمل فردًا معينًا، ولا يُحيي ذكرى حدث تاريخي محدد. إنه يُعطي للعامل الأميركي صوتًا.
فموجة الابتكار التي دفعت الصناعة خلال القرن التاسع عشر مهّدت الطريق لنشوء "الطبقة العاملة" من الناس الذين يوظفهم آخرين – وفق شروط هؤلاء الآخرين. وبحلول أواخر القرن التاسع عشر كانت ظروف العمل السيئة مصدرًا للنزاعات الاجتماعية ولا سيما في المدن، حيث كان المهاجرون يصلون إليها بأعداد كبيرة.
أثارت الحركة العمالية مشاعر مختلطة في أميركا، ولكن العديد من العمال كانوا يؤمنون بأنها تقدم لهم صوتًا موحدًا من شأنه أن يُسارع في إجراء التحسينات. لعبت النقابات العمالية المنظمة دورًا في التطور الاجتماعي والثقافي في أميركا- وكذلك في وضع الحمايات للعمال والاحتفال بأول عيد للعمل.
ففي 5 أيلول/سبتمبر 1882، استضافت نقابات العمال في نيويورك "عطلة الرجل العامل". أخذ يومها حوالي 10 آلاف عامل يوم عطلة غير مدفوع الأجر للمشاركة في مسيرة للمطالبة بتخفيض ساعات العمل اليومية التي كانت تتراوح بين 12 - و16 ساعة. تجمّع ربع مليون شخص من سكان نيويورك لمشاهدة الاستعراض الذي انتهى بنزهة لتناول الطعام في الهواء الطلق لعائلات العمال.
وكتبت صحيفة نيويورك تايمز في اليوم التالي أن "أولئك الذين شاركوا في الموكب كانوا مبتهجين وشاكرين جداً للعرض. وكانت غالبيتهم تدخن السيجار، وبدوا جميعًا على أنهم مصممين على قضاء وقت ممتع وتناول المأكولات في نزهات في الهواء الطلق، كما رُفعت لافتات تدعو لـ"ثماني ساعات ليوم عمل قانوني" و"ساعات عمل أقل وأجر أكبر".
واصلت النقابات العمالية هذا الاحتفال السنوي، وفي عام 1894، ثبّت الكونغرس أول يوم إثنين من شهر أيلول/سبتمبر كيوم عطلة رسمية للاحتفال بعيد العمل. وفي نهاية المطاف، أصبح يوم العمل من ثماني ساعات المعيار القانوني في عام 1940 وذلك من خلال التعديلات التي أدخلت على قانون معايير العمل المنصفة لعام 1938، والتي منعت أيضًا تشغيل الأطفال وحددت بعض الأجور المعينة.
أصوات أخرى
طوال تاريخ البلاد، كان النحاتون والموسيقيون والمؤلفون والرسامون يحفرون أفكارهم حول حياة العمال في الوعي الاجتماعي العام.
الفنان والفيلسوف اللبناني الأميركي جبران خليل جبران قدم تأملاته حول ذلك في مجموعة من التأملات الروحية في كتابه "رمل وزبد" الصادر عام 1926، إذ قال، "الرجل العظيم ذلك الذي لا يسود ولا يُساد".
كلمات جبران محفورة في أسفل أقواس النصب التذكاري "التسامي"، وهو نصب بارتفاع 19.2مترًا مصنوع من الصلب وحجر الجرانيت تخليدًا لتراث العمل ويعلو فوق ساحة "هارت بلازا" في ديترويت، قلب صناعة السيارات الأميركية والشاهد على النجاحات الرائعة والهزائم المدمرة للعمال.
كتب فيليب ليفين، الذي ترعرع في ديترويت خلال الأوقات العصيبة، رسالة شاعرية حول الطبقة العاملة. وتميزت الثلاثينات من القرن العشرين بتوقفات عن العمل "بالإضرابات" العمالية والتوقف عن العمل. اتسمت تلك الفترة بالاضطرابات ورسمت خلفية ترعرع ليفي، الذي وصل إلى ديترويت عام 1928 كطفل حديث الولادة لمهاجرين يهود روس.
جماعة ووحدانا
بالعودة إلى موضوع عطلة يوم العمل الأصلية في نيويورك، باتت الحكومات المحلية تستضيف النزهات لتناول الطعام في الهواء الطلق والأحداث الرياضية في عيد العمل، كما أصبحت المدارس والمكاتب تغلق أبوابها في هذا اليوم.
ويلقي قادة النقابات العمالية والمسؤولون الحكوميون الخطب لتكريم الإنجازات الجماعية للعمال الأميركيين.
لكن لدى الأميركيين تعريفات متعددة لما يشكله العمل تستند إلى العديد من التجارب المختلفة، لذلك فإن اليوم المخصص لتكريم عملهم يعكس هذه الاختلافات. وسواء أرادوا المشاركة في الاستعراضات أم لا، أو ممارسة رياضة السباحة أم لا، أو زيارة الأصدقاء أم لا، فإن الأميركيين يكرمون ما يعتبرونه جوهر عيد العمل، وذلك بكل بساطة من خلال أخذ يوم عطلة أم لا.
شاعر نوبة العمل الليلية
كان ليفين يعمل في المصانع بينما كان يدرس في جامعة في ديترويت، ومن بين ذلك نوبة عمل ليلية في مصنع لمسننات تغيير السرعة ومحاور السيارات.
نشر ليفين العديد من دواوين الشعر. وفاز ديوانه "الحقيقة البسيطة" (1994) بجائزة بوليتزر، وفاز ديوانه "ما هو العمل" (1991) بجائزة الكتاب القومية. وصف ليفين كتاباته حول العمال قائلاً، "لقد أخذت على نفسي هذا العهد الغبي بأن أتحدث نيابة عنهم، وبأن هذا ما ستكون عليه حياتي."
فيما يلي مقتطفًات من ديوانه "ما هو العمل":
...
الآن فجأة بِت غير قادر على تحمل
الحب الذي يغمرك تجاه أخيك،
الذي ليس بجانبك أو خلفك أو
أمامك لأنه في منزله يحاول أن
ينام بعد نوبة ليلية بائسة
في (شركة) كاديلاك كي يتمكن من النهوض
قبل الظهر لدراسة لغته الألمانية.
يعمل ثماني ساعات في الليلة كي يتمكن من غناء
موسيقى فاغنر ...
من ديوان فيليب ليفين " ما هو العمل"
(ألفريد أي. كنوف، 1991)
يستطيع القراء على الإنترنت الاستماع إلى فيليب ليفين يقرأ من ديوانه "ما هو العمل" في مكتبة الكونغرس.