الجنازة التي لم يحملها الجمل
استعد المسلمون لمعركة أحد. وكان لعمرو بن جموح اربعة اولاد ابطال مستعدين للحرب في ركاب رسول الله (ص) امّا عمرو فكان رجلاً أعرجاً لايستطيع القتال. فلما رأى المقاتلين يتهيأون الى المعركة تحركت مشاعره واحساساته الرجولية والدينية فصمم أن يشارك في المعركة لبس لباس الحرب وتهيأ للتحرك نحو أحد.
قال له بعض اقاربه:
ان الله لم يوجب الجهاد عليك وانت شيخ كبير واعرج, فالافضل أن تبقى في المدينة! ويكفيك ابنائك الذين ترسلهم الى المعركة.
فقال عمرو:
أفهل يجوز للمسلمين ان يذهبوا الى ساحة المعركة وينالوا الشهادة واناأحرم من ذلك؟
واخيراً لم يستطيعوا أن يصرفوا هذا الرجل العظيم عن المعركة فاتفقوا ان يذهبوا الى رسول الله (ص)و يخبروه ويحولوا دون مراده.
فجاء عمرو الى رسول الله (ص) وقال:
يارسول الله! اريد أن اشارك مع المسلمين في المعركة كي انال الشهادة ولكن اقربائي يمانعون من ذهابي وانا أحب ان ادخل الجنة برجلي العرجاء هذه.
قال رسول الله (ص):
انت معذور والجهاد ليس واجبا عليك.
ثم قال (ص) لاقرباء عمرو:
وان لم يكن الجهاد واجبا عليه الاّ أنه لايحق لكم منعه فاتركوه يختار بنفسه لعله ينال الشهادة في الحرب.
فخرج عمرو من عند رسول الله (ص) مسروراً فودع أهله واقربائه واتجه نحو المعركة ورفع يديه بالدعاء قائلاً:
(اللهم لا تردني الى اهلي وارزقني الشهادة) فقاتل قتال الابطال حتى رزق الشهادة مع أحد اولاده.
وبعد أن انتهت المعركة جاءت زوجة عمرو لتحمل جنازة زوجها وابنها فرأت أخاها شهيداً ايضاً فحملت الجنائز على بعير وانطلقت بها نحو المدينة لتدفنهم في مقبرة البقيع.
فلما قطعت مسافة توقف البعير عن الحركة نحو المدينة ولكن اذا وجهته نحو منطقة أُحُد فانه يمشي بسرعة, وتكرر ذلك عدة مرّات فلم تفهم زوجة عمرو معنى ذلك فجاءت الى رسول الله (ص) واخبرته بالامر.
قال رسول الله (ص).
ان الجمل مامور! فعندما خرج زوجك من المدينة ألم يقل شيئاً؟ او دعا بشيء؟
قالت: نعم يارسول الله! فعندما اراد الذهاب الى احد قال: (اللهم لاتردني الى اهلي وارزقني الشهادة).
فقال رسول الله (ص):
لقد استجاب الله دعاءه ولهذا فان الجمل لايأتي بجنازته الى المدينة فامر رسول الله (ص) أن يحملوا الجنائز الى احد ثم التفت رسول الله (ص) الى المسلمين وقال:
ان فيكم اناساً لو اقسمتم على الله بهم لاستجاب لكم وعمرو بن جموح أحدهم.
فحملوا الجنائز الى أحد ودفنوها وقبل ذلك وقف رسول الله في قبورهم ثم خرج وقال: سيكونون معاً في الجنة.
فطلبت زوجة عمرو من رسول الله (ص) أن يدعولها أن تكون معهم في الجنة فدعا لها رسول الله (ص) بذلك.