منتديات الجنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات الجنة

منتديات الجنة منتدى عراقي يهتم بالطلبة العراقيين والشباب العراقي ... منوع اجتماعي خدمي


    العراق تحت الحكم الساساني

    AlJna
    AlJna
    نائب المدير العام
    نائب المدير العام


    الجنس : ذكر
    الانتساب الانتساب : 19/06/2009
    العمر العمر : 30
    المساهمات المساهمات : 14331
    نقاط التميز نقاط التميز : 31718
    تقيم المستوى تقيم المستوى : 99

    العراق تحت الحكم الساساني Empty العراق تحت الحكم الساساني

    مُساهمة من طرف AlJna 2011-09-26, 6:05 am

    تأليف : طارق فتحي
    العراق عبر العصور

    العراق تحت الحكم الساساني ( 224-637 م )

    يضع العهد الساساني نهاية للعهد القديم وبداية للعهد الاقطاعي في تاريخ الشرق الاوسط. الاديان السماوية كالمسيحية والثنوية (الصراع بين النور والظلام) وحتى الزرادشتية واليهودية قد امتصوا الديانات والعبادات المحلية في بداية القرن الثالث.
    انتهت كل من الامبراطورية الساسانية والرومانية باتخاذ دين رسمي للدولة، الزرادشتية للاولى والمسيحية للاخيرة. اما في بلاد مابين النهرين فان العبادات القديمة مثل المندائية (الصابئية) عبادة القمرللحرانيين وعبادات اخرى قد استمرت جنبا الى جنب الاديان العظيمة. لم يكن الحكام الجدد بنضج السلجوقيين والبارثيين وان الاضطهاد حدث في ظل الحكم الساساني.
    بعد ان ركز اردشير الاول اول ملوك الساسانيين سلطته في بيرسيس ( مقاطقة فارس حاليا) توجه الى جنوب بلاد مابين النهرين وسقطت مسين. في 224 دحر وقتل اخر حكام البارثيين، ارتابانوس الخامس، مما سرع في سقوط كل بلاد مابين النهرين امامه واصبحت المدائن العاصمة الرئيسة للامبراطورية الساسانية.
    وفي العام 230 حاصر ارداشير الحضر ولكنه عجز ان يحتلها. طلبت الحضر المعونة من الرومان وفي 232 شن الامبراطور سيفيروس الكسندر حملة اوقفت تقدم زحف اداشير. عند موت سيفيروس الكسندر في 235 تحول الساسانيون للهجوم وربما في 238 اصبحت نصيبين وحران تحت سيطرتهم.
    ومن المعتقد ان الحضر سقطت في بداية 240 والتي اصبح فيما بعد ابن ارداشير حاكما عليها؛ ثم مات بعد ذلك بقليل ارداشير. قاد الامبراطور الروملني جورديان الثالث جيشا كبيرا ضد شابور الاول في 243 .
    واستعاد الرومان كل من حران ونصيبين ودحروا الساسانيين في معركة قرب رساينه فى الانبار، والتي سميت فيروز – شابور ( شابور المنتصر) واستطاع الساسانيون من الحاق الهزيمة بالرومان الذين فقدوا امبراطورهم. اما خليفته فيليب العربي فقد استطاع تحقيق السلام وترك الغزوات الرومانيةفي شمال بلاد مابين النهرين. اما "اوسروني" التي عادت الى حكم العائلة الحاكمة المحلية "ابغار" من قبل جورديان، فقد بقت دولة الرمان الاقطاعية. وجدد شابور هجماته واحتل العديد من المدن من ضمنها دورة – يوروبوس في 256 ومن ثم تحرك الى شمال سورية والاناضول.

    كان اندحار الامبراطور الروماني فاليريان على ابواب اديسا في حوالي 259 كانت قمة فتوحاته في الغرب. وعند عودة شابور الى المدائن هاجمه حاكم بالميرا، سبيتيميوس اوديناثوس ( ويسمى ايضا اوديناث)، وهزم جيشه واستولى على الكثير من الغنائم. واخذ اوديناثوس لقب الامبراطور واستولى على حران ونصيبين وهدد المدائن في 264 – 266.
    ولقد كان لقتله متنفسا للساسانيين وفي 273 طرد الامبراطور الروماني اورليان بالميرا واحتفظ بالسلطة في شمال بلاد مابين النهرين. استمر السلام بين الامبراطوريتين لغاية 283 حين غزا الامبراطور الروماني كاريوس بلاد مابين النهرين وتقدم باتجاه المدائن ولكن الجيش الروماني كان قد اجبر على الانسحاب بعد موت سايروس المفاجئ. في عام 296 كان الملك الساساني السابع نصره الاول قد دخل الميدان وهزم القوة الرومانية قرب حران ولكنه هزم في السنة التالية وسبيت عائلته .
    ونتيجة لذلك فقد امن الرومان نصيبين وجعلوا منها قلعتهم الحصينة تجاه الساسانيين. اما بلاد "مابين النهرين "المقاطعة الرومانية والتي كانت تمثل الاراض الواقعة بين نهري دجلة والفرات في سفوح التلال الشمالية، اصبحت منطقة عسكرية محصنة ( الحدود المحصنة للامبراطورية الرومانية) ومدن عالية التحصين.

    بدأ الساسانيون العمليات الهجومية ثانية في عهد شابور الثاني، واستمرت الحرب الاولى من 337 لغاية 350؛ وانتهت من دون نتيجة لكون الرومان قد دافعوا عن نصيبس بنجاح. وفي عام 359 غزا شابور الاراضي الرومانية ثانية واحتل قلعة اميدا الرومانية بعد حصار طويل ومكلف.
    وفي عام363 تقدم الامبراطور جوليان الى ضواحي المدائن، حيث توفى، ليخلفه جوفيان الذي خسر نصيبس واراضي اخرى في الشمال الى الساسانيين. اما الحرب التالية فاستمرت من 502 الى 506 وانتهت دونما تغيير. واندلعت الحرب ثانية في 527 واستمرت لغاية 531 وحتى الجنرال البيزنطي بيليساريوس لم يكن قادرا على السيادة؛ كالمعتاد، بقيت الحدود على حالها دون تغيير.

    وفي عام 540 غزا الملك الساساني خسرو الاول (خسرويس) سوريا وحتى استولى على انطاكيا، بالرغم من ان العديد من القلاع خلفه في شمال بلاد مابين النهرين بقيت بايدي البيزنطيين. وبعد قتال كر وفر، تم الجنوح الى السلم في 562 .

    استمرت الحرب مع الامبراطورية البيزنطية لعشر سنوات اخرى، واستمرت في عهد من خلفه خسرو، هرمزد الرابع. ولم يستعيد البيزنطيون اراضيهم في شمال بلاد مابين النهرين الا في 591 حيث هبوا للمساعدة في استعادة العرش الساساني الى خسرو الثاني الذي فر لاجئا الى الاراضي البيزنطية.
    وبمقتل الامبراطور البيزنطي موريس في 602 والذي كان لصالح خسرو، واغتصاب فوكاس للعرش، فقد وجد خسرو الثاني فرصته الذهبية لتوسيع الملكية الساسانية وللثأر الى موريس. استولت الجيوش الفارسية على كل شمال مابين النهرين وسوريا وفلسطين ومصر وبلاد الاناضول. وبحلول 615 كانت القوات الساسانية في خالقيدونية مقابل القسطنطينية.
    وتغير الموقف تماما بمجئ الامبراطور البيزنطي الجديد هرقل، الذي، قام بحملة تحد شجاعة الى قلب اراضي العدو في 623 – 624 ، وهزم الساسانيين في ميديا. وتقدم في 627 – 628 باتجاه المدائن ولكنه انسحب بعد ان نهب القصور الملكية في داستاكرد شمال المدائن
    وبعد وفاة خسرو الثاني، كانت بلاد مابين النهرين مدمرة، ليس من جراء القتال وحسب بل من فيضانات دجلة والفرات، ومن انتشار الطاعون، ومن التتابع السريع للحكام الساسانيين الذي اوجد حالة من الفوضى. واخيرا في 632 فرض آخر الملوك يزدجرد الثالث النظام والاستقرار، ولكن في السنة التالية بدأ التوسع العربي الاسلامي وانتهت الامبراطورية الساسانية بعد بضع سنوات من ذلك.
    جعل الساسانيون على عكس البارثيين امراءهم كحكام للمالك الصغيرة التي احتلوها، ماعدا تلك الواقعة على الحدود، حيث قبلوا الاقطاعيين أوالحلفاء كون وجودهم في المناطق الحدودية غير امين.

    ان تعيين الساسانيين امراءا على اجزاء مختلفة من الامبراطورية منحهم سيطرة اكبر من تلك التي فرضها البارثيون . كانت التقسيمات الاقليمية اكثر اسلوبية وكان هناك تسلسلا هرميا من اربعة وحدات – الولاية ( شهر في اواسط بلاد فارس)، والتي تليها الاقليم (اوستان)، ثم المقاطعة ( تسوك) واخيرا القرية ( ده). ولقد تبدلت هذه التقسيمات باستمرار في بلاد مابين النهرين، خلال التاريخ الساساني بسبب الغزوات الرومانية.

    استبدل العديد من جباة الضرائب المحليين بغيرهم من الفرس،الذي كانوا موضع ثقة اكبر من قبل الحكام. اضافة للعديد من التعريفات والمكوس وغيرها فان الضريبتين الاساسيتين كانتا ضريبة الارض وضريبة الرؤوس من البالغين. لم يكن النبلاء والعساكر وموظفوا الدولة وكهنة الديانة الزرادشتية يدفعون ضريبة الرؤوس تلك. اما ضريبة الارض فكانت نسبة مئوية من الحصاد، تقرر قبل جمع المحصول، والذي كان من الطبيعي يسبب العديد من المشاكل.

    قام خسرو الاول بعمليات مسح جديدة للاراضي وفرض مبلغا مقدرا سابقا على اساس مقدار الارض المزروعة وعدد اشجار النخيل واشجار الزيتون وعدد الاشخاص العاملين في الارض. كانت الضرائب تجبى ثلاث مرات في السنة. كانت ممارسات سوء الاستخدام موجودة لكن هذا النظام افضل من السابق؛ على الاقل، اذا ماحل موسم جفاف او اية حالة جوية فان الضرائب يمكن ان تخفظ او تحول.
    وعلى الرغم من ان المعلومات متناقضة، فيظهر ان المجتمعات الدينية ، غير الزرادشتية كانت تفرض عليهم ضرائب اضافية بين حين وآخر. كان هذا واضحا على المجتمع المسيحي الذي بدأ ينمو وخاصة في عهد شابور الثاني، بعد ان اصبح الدين المسيحي الدين الرسمي للامبراطورية الرومانية.

    اصبحت المجتمعات الدينية جامدة ثابتة تحت الحكم الساساني، فبلاد مابين النهرين باعدادها الكبيرة من سكانها من المسيحيين واليهود قد شهدت تغيرات بسبب التحول في الولاء الاساسي من الحاكم الى رئيس الطائفة الدينية. كان تشريد اليهود ودفعهم الضرائب مخرجا قانونيا في الامبراطورية الساسانية.
    ولد ماني، مؤسس الديانة المانوية في جنوب بلاد مابين النهرين وانتشرت دينه بسرعة الى الشرق والغرب حتى قبل وفاته. واضطهدت هذه الديانه في موطنها بلاد مابين النهرين من قبل رجال الدين الزرادشتين والذين كانوا ينظرون الى الديانة المانية كبدعة خطرة. اما المسيحية فلم يكن ينظر لها كبدعة بل كدين منفصل محتمل الى ان اصبح الدين الرسمي للامبراطورية الرومانية العدوة .
    عندها اعتبر المسيحيون كخونة محتملين للدولة الساسانية. اول نمو واسع للمسيحية في بلاد مابين النهرين جاء مع ترحيلهم واعادة توطينهم وخاصة من انطاكية مع بطرياركيتها خلال حروب شابور الاول مع الرومان. خلال المجمع الكنسي المنعقد في 325 جعل مطران ابريشية المدائن اعظم من ابريشيات الامبراطورية الساسانية كلها،

    وكان اول بطريارك او كاثوليكوس قد سمي بالبابا. في 344 بدا اول اضطهاد للمسيحين واستمر بدرجات متفاوتة لغاية 422 حين انهت الاتفاقية مع الحكومة اعمال الاضطهاد. احدث ذكر للمسيحيين في بلاد مابين النهرين هي مخطوطات كارتر رئيس كهنة الزرادشت بعد حكم شابور الاول. فقد ذكر كلا من المسيحين والنصارى وقد يكونوا طائفتين من المسيحيين، الناطقين بالاغريقية والناطقين بالسريانية، او لربما طائفتين مختلفتين من المسيحيين. لايعرف اي من الطوائف هي المعنية ولكن يعرف ان اتباع قادة المسيحية الروحانية الباردياسانين والماركونيين كانوا نشطين في بلاد مابين النهرين. ومن ثم ومع انفصال الكنيسة النسطورية عن القائلين بوحدة طبيعة المسيح ومركزها انطاكية، سيطرت الكنيسة النسطورية على بلاد مابين النهرين حتى نهاية الحكم الساساني حين زاد اعداد الكنيسة القائلة بوحدة طبيعة المسيح.

    وبعد حوالي 485 اقتنعت الحكومة الساسانية بان الكنيسة النسطورية في بلادهم ليسوا مخلصين للبيزنطيين وان الدولة لا تدعوا الى مزيد من الاضطهاد بل ان الاضطهاد كان يمارس من قبل رجال الدين الزرادشتي. وفي نهاية العهد الساساني كان النسطوريون يحاربون المنادين بوحدة طبيعة المسيح، والذين اصبحوا يعرفون باليعقوبيين، بدلا من محاربة الزرادشتين. اسس اليعقوبيون العديد من الاديرة وخاصة في شمالي بلاد مابين النهرين حيث لم يكونوا متحمسين تجاه الرهبنة.

    اصبح الانتساب العرقي تحت الحكم الساساني اقل اهمية من الارتباط الديني، وبهذا تغير البناء الاجتماعي لبلاد مابين النهرين. واستمر العرب بالتزايد سواء البدو او الحضر واصبحت اللغة العربية هي السائدة. اعتنق الملك العربي النعمان الثالث ملك الحيرة في جنوب بلاد مابين النهرين المسيحية في عام 580 ولكنه في عام 602 كان قد عزل من قبل خسرو الثاني الذي جعل من مملكة النعمان مقاطعة تابعة لامبراطوريته. ان هذا العمل ألب العرب ورفع الحواجز بين القبائل العربية في الصحراء وبعد ان توحد عرب الجزيرة تحت راية الاسلام فان مستقبل الامبراطورية الساسانية قد حسم. لقد رحب بالمسلمين في بلاد مابين النهرين كمحررين من الحكم الفارسي الاجنبي، ولكن التحول الى الدين الاسلامي لم يجر بسرعة بسبب مسامحة الدين الاسلامي وتعايشه مع بقية اهل الكتاب. لقد غير الاسلام تاريخ بلاد مابين النهرين اكثر من اي حدث آخر.

      الوقت/التاريخ الآن هو 2024-11-05, 4:47 am