ام المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
--------------------------------------------------------------------------------
من
النساء الصالحات القانتات زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأولى ،
وأول من آمن به وصدقه ، واتبعه ، إنها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى
بن قصي القرشية الأسدية ، وأمها فاطمة بنت زائدة ، قرشية من بني عامر بن
لؤي ، ولدت بمكة ، ونشأت في بيت شرف ويسار ، كانت تدعى قبل الإسلام
بالطاهرة العفيفة ، مات أبوها يوم الفِجار .
تزوجت مرتين قبل رسول الله ،
أبا هالة بن زرارة بن النباش التميمي ، ثم عتيق بن عائذ بن عمر بن مخزوم ،
ولها منهما ثلاثة من الولد ، هند بنت عتيق ، وهند وهالة ابنا أبي هالة .
كانت ذات مال كثير وتجارة ، تستأجر الرجال وتدفع إليهم ما آتاها الله من
مال ليتاجروا لها فيه .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم واحداً من
الذين تعاملوا معها، فسافر إلى الشام ومعه غلامها ميسرة , وسمعت عن أمانته
وخلقه وبركته الكثير ، وتضاعف ربح تجارتها ، مما دفعها لطلب الزواج منه ،
فخطبها حمزة بن عبدالمطلب لابن أخيه من عمها عمرو بن أسد بن عبدالعزى ،
فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بعثته بخمس عشرة سنة ، وكان عمره
حينئذٍ 25 سنة ، وكان عمرها 40سنة ، وقيل 28سنة ، فولدت له : القاسم و عبد
الله و زينب و رقية و أم كلثوم و فاطمة ، وكان بين كل ولدين سنة ، وكانت
قابلتها سلمى ، والقابلة هي التي تقوم بتوليد المرأة وخدمتها عند الولادة .
وهي
- رضي الله عنها- ممن كمُل من النساء . فكانت عاقلة جليلة ديَّنة مصونة
كريمة ، من أهل الجنة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُثني عليها ،
ويُفضلها على سائر أمهات المؤمنين ويُبالغ في تعظيمها ، حتى إن عائشة رضي
الله عنها كانت تقول : ما غِرت من امرأة ما غِرت من خديجة ، من كثرة ذكر
النبي صلى الله عليه وسلم لها .
ومن كرامتها عليه صلى الله عليه وسلم
أنه لم يتزوج امرأة قبلها ، ورزقه الله منها عدة أولاد ، ولم يتزوج عليها
قط ولا تسرَّى بجارية إلى أن قضت نحبها ، فحزن لفقدها حزناً شديداً ، فإنها
كانت نعم القَرين والأنيس ، وكانت له نعم المعين والنصير. أما مواقفها
فعظيمة مشهودة تدل على رجاحة عقلها ، وقوة شخصيتها ، فها هي تقف إلى جانب
زوجها عندما جاء إلى البيت خائفاً - وقد بدأ الوحي ينزل عليه - وهو يقول : (
لقد خَشِيتُ على نفسي، فقالت له : كلا ، والله لا يخزيك الله أبداً ) متفق
عليه ، وذكرت خصاله الحميدة ، ثم ذهبت به إلى ورقة بن نوفل .
وكانت
رضي الله عنها أول من آمن برسول الله وصدقه وآزره في دعوته ، فكان لها فضل
السبق في ذلك على الرجال والنساء ، مما خفف عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم . وفي "الصحيحين" ، عن عائشة ، ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ) . وبيَّن النبيُّ صلى
الله عليه وسلم فضلها بأنها خير نساء الأرض في عصرها ، حيث قال : ( خير
نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة بنت خويلد ) متفق عليه .
قال
النووي رحمه الله : كل واحدة منهما خير نساء الأرض في عصرها ، وأما التفضيل
بينهما فمسكوت عنه . وفي مسند الإمام أحمد ( أفضل نساء أهل الجنة خديجة
بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، ومريم ابنة
عمران رضي الله عنهن أجمعين ) وصححه الألباني والأرنؤوط .
توفيت خديجة رضي الله عنها قبل الهجرة بثلاث سنين ، وقبل معراج النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي بنت خمس وستين سنة ، ودفنت بالحجُون .
ويستفاد من سيرة خديجة رضي الله عنها أموراً نجملها في النقاط التالية :
1-رغبة
خديجة في الزواج من رسول الله صلى الله عليه وسلم دليل على ما كان يتمتع
به صلى الله عليه وسلم من خلق عظيم ، وصلاح كبير ، وأمانة فائقة .
2-أنه لا غضاضة في أن تبدي المرأة رغبتها في الزواج من صاحب الدين والخلق .
3-
لم يكن هدف رسول الله من الزواج المتعة الجسدية ومكملاتها ، وإلا لحرص على
البكر ، ومن كانت أصغر منه ، أو على الأقل من كانت في سنّه .
4-أن الله
عز وجل يرزق الرجل الصالح الطيب المرأة الصالحة الطيبة ، كما قال سبحانه :
{ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ
أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ
كَرِيمٌ } (النور:26).
5-إنّ الإسلام يجيز للمرأة التملك ، واستثمار الأموال والمضاربة بها وفق الضوابط الشرعية .
وهكذا
- عزيزي القارئ- كانت أم المؤمنين الأولى ، مؤمنة ، صالحة ، مجاهدة ،
تحملت الأعباء والمحن ، ورحلت من الدنيا بعدما تركت دروساً وعبراً لا تنسى
على مرور الأيام والشهور ، والأعوام والدهور ، فرضي الله عنها، والحمد لله
رب العالمين
--------------------------------------------------------------------------------
من
النساء الصالحات القانتات زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأولى ،
وأول من آمن به وصدقه ، واتبعه ، إنها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى
بن قصي القرشية الأسدية ، وأمها فاطمة بنت زائدة ، قرشية من بني عامر بن
لؤي ، ولدت بمكة ، ونشأت في بيت شرف ويسار ، كانت تدعى قبل الإسلام
بالطاهرة العفيفة ، مات أبوها يوم الفِجار .
تزوجت مرتين قبل رسول الله ،
أبا هالة بن زرارة بن النباش التميمي ، ثم عتيق بن عائذ بن عمر بن مخزوم ،
ولها منهما ثلاثة من الولد ، هند بنت عتيق ، وهند وهالة ابنا أبي هالة .
كانت ذات مال كثير وتجارة ، تستأجر الرجال وتدفع إليهم ما آتاها الله من
مال ليتاجروا لها فيه .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم واحداً من
الذين تعاملوا معها، فسافر إلى الشام ومعه غلامها ميسرة , وسمعت عن أمانته
وخلقه وبركته الكثير ، وتضاعف ربح تجارتها ، مما دفعها لطلب الزواج منه ،
فخطبها حمزة بن عبدالمطلب لابن أخيه من عمها عمرو بن أسد بن عبدالعزى ،
فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بعثته بخمس عشرة سنة ، وكان عمره
حينئذٍ 25 سنة ، وكان عمرها 40سنة ، وقيل 28سنة ، فولدت له : القاسم و عبد
الله و زينب و رقية و أم كلثوم و فاطمة ، وكان بين كل ولدين سنة ، وكانت
قابلتها سلمى ، والقابلة هي التي تقوم بتوليد المرأة وخدمتها عند الولادة .
وهي
- رضي الله عنها- ممن كمُل من النساء . فكانت عاقلة جليلة ديَّنة مصونة
كريمة ، من أهل الجنة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُثني عليها ،
ويُفضلها على سائر أمهات المؤمنين ويُبالغ في تعظيمها ، حتى إن عائشة رضي
الله عنها كانت تقول : ما غِرت من امرأة ما غِرت من خديجة ، من كثرة ذكر
النبي صلى الله عليه وسلم لها .
ومن كرامتها عليه صلى الله عليه وسلم
أنه لم يتزوج امرأة قبلها ، ورزقه الله منها عدة أولاد ، ولم يتزوج عليها
قط ولا تسرَّى بجارية إلى أن قضت نحبها ، فحزن لفقدها حزناً شديداً ، فإنها
كانت نعم القَرين والأنيس ، وكانت له نعم المعين والنصير. أما مواقفها
فعظيمة مشهودة تدل على رجاحة عقلها ، وقوة شخصيتها ، فها هي تقف إلى جانب
زوجها عندما جاء إلى البيت خائفاً - وقد بدأ الوحي ينزل عليه - وهو يقول : (
لقد خَشِيتُ على نفسي، فقالت له : كلا ، والله لا يخزيك الله أبداً ) متفق
عليه ، وذكرت خصاله الحميدة ، ثم ذهبت به إلى ورقة بن نوفل .
وكانت
رضي الله عنها أول من آمن برسول الله وصدقه وآزره في دعوته ، فكان لها فضل
السبق في ذلك على الرجال والنساء ، مما خفف عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم . وفي "الصحيحين" ، عن عائشة ، ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ) . وبيَّن النبيُّ صلى
الله عليه وسلم فضلها بأنها خير نساء الأرض في عصرها ، حيث قال : ( خير
نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة بنت خويلد ) متفق عليه .
قال
النووي رحمه الله : كل واحدة منهما خير نساء الأرض في عصرها ، وأما التفضيل
بينهما فمسكوت عنه . وفي مسند الإمام أحمد ( أفضل نساء أهل الجنة خديجة
بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، ومريم ابنة
عمران رضي الله عنهن أجمعين ) وصححه الألباني والأرنؤوط .
توفيت خديجة رضي الله عنها قبل الهجرة بثلاث سنين ، وقبل معراج النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي بنت خمس وستين سنة ، ودفنت بالحجُون .
ويستفاد من سيرة خديجة رضي الله عنها أموراً نجملها في النقاط التالية :
1-رغبة
خديجة في الزواج من رسول الله صلى الله عليه وسلم دليل على ما كان يتمتع
به صلى الله عليه وسلم من خلق عظيم ، وصلاح كبير ، وأمانة فائقة .
2-أنه لا غضاضة في أن تبدي المرأة رغبتها في الزواج من صاحب الدين والخلق .
3-
لم يكن هدف رسول الله من الزواج المتعة الجسدية ومكملاتها ، وإلا لحرص على
البكر ، ومن كانت أصغر منه ، أو على الأقل من كانت في سنّه .
4-أن الله
عز وجل يرزق الرجل الصالح الطيب المرأة الصالحة الطيبة ، كما قال سبحانه :
{ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ
أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ
كَرِيمٌ } (النور:26).
5-إنّ الإسلام يجيز للمرأة التملك ، واستثمار الأموال والمضاربة بها وفق الضوابط الشرعية .
وهكذا
- عزيزي القارئ- كانت أم المؤمنين الأولى ، مؤمنة ، صالحة ، مجاهدة ،
تحملت الأعباء والمحن ، ورحلت من الدنيا بعدما تركت دروساً وعبراً لا تنسى
على مرور الأيام والشهور ، والأعوام والدهور ، فرضي الله عنها، والحمد لله
رب العالمين