ليس
منطقيا ان يتم اتهام العراقيين في الاردن ، بأنهم وراء التراجعات في سوق
عمان المالي ، انتقاما للتغييرات التي حدثت في احد المصارف ، ومن يتهم
العراقيين ، اما جاهل ، او يهرف بما لا يعرف ، اذ كيف يسعى العراقيون لانهيارات في اسعار الاسهم ، وهم اول المتضررين ، كونهم من المساهمين في السوق.
العراق ، تاريخيا ، لم يكن سلبيا تجاه الاردن ، وتجاه العرب ،
فالنفط العراقي الذي بقي يتدفق على الاردن ، على مدى عقود بأسعار زهيدة ،
والتجارة بين البلدين ، ودراسة عشرات الاف الاردنيين ، مجانا ، في جامعات
العراق ، وغير ذلك يجب ان لا ينسى ، ليس بمنطق الذي يشعر بأن هناك من
يتفضل عليه ، او يتكرم عليه ، بل لاننا اخوة في الدين والعروبة ، والاردن
ذاته وقف الى جانب العراق طوال هذه السنين ، بذات الروحية ، والقدرة على
العطاء ، حتى لا يمزق الجهلة ، روابط العلاقات بين شعب واحد.
اذا
حدثت ازمة سير في شوارع عمان ، قيل لنا ان العراقيين هم السبب ، واذا
ارتفعت اسعار الشقق ، قيل لنا ان العراقيين هم السبب ، واذا تأثرت اسعار
سوق عمان المالي جاء من يفبرك رواية تقول ان ثلة من رجال الاعمال
العراقيين اجتمعوا سرا ، وقرروا الانتقام لتغيير شخصية عراقية على رأس احد
المصارف ، عبر الاطاحة بسوق عمان المالي ، وتنطلي الكذبة على البعض ، برغم
ان العراقيين هم اول الخاسرين من أي تراجعات في اسعار الاسهم في سوق عمان
المالي ، لان لهم مصالح مالية واسهما ، فهل يدمر الانسان نفسه ، ويطيح
بنفسه ، ويتسبب بالخسائر لنفسه.
بقي
بعضنا يطيل لسانه على العراقيين في الاردن ، حتى تسرب اغلبهم الى دول اخرى
، جراء ثقافة "النق" عليهم ، فغادر كثيرون ، حين لم يرحمهم احد في سنينهم
الصعبة ، برغم انهم لم ينسونا في سنيننا الصعبة ، وقد كنا نرى ان
العراق بعد حصاره عام 1990 يواصل دعمه الاردن ، ويقسم الرغيف بينه وبيننا
، وكأننا بلا ذاكرة ننسى لاهلنا في العراق ، مواقفهم ، والمفارقة ان يأتي
البعض ويقول ايضا ، ان هذا الدعم كان من صدام حسين ، ولا يجيبك القائل حول
سؤالك ، وهل هذا مال صدام حسين اساسا ، ام انه مال العراق ، ومال شعب
العراق ، حتى لا نجد ثغرة غير اخلاقية ، لتبرير القاعدة التي تسيطر على
بعضنا ، على اساس ، ان نأخذ ونأخذ ونأخذ فقط ، ولا نحب ان نعطي..
حين تسأل اي محلل اقتصادي عن اسباب تراجعات اسعار الاسهم ، يشرح لك القصة ، بشكل دقيق ، فتعرف
ان العراقيين ليس لهم علاقة بهذا التراجع ، وليس أدل على ذلك من تحسن
اسعار الاسهم مجددا ، واحد ابرز مشاكلنا ، اننا نفتي في كل شيء ، ومثل
موضوع الاسهم بحاجة الى محلل اقتصادي خبير ، وليس الى من يسعون الى
مس رجال المال العراقي ، عبر الحديث عن اجتماعات سرية ، لا نعرف كيف كشفوا
مضمونها ، وفي المحصلة ، فان ما يهم هو الحفاظ على العراقيين ، في الاردن
، وعلاقتنا معهم ، فقد جار الزمن عليهم ، واليد العراقية بقيت مبسوطة
للعرب ، حتى في عز نزف الجسد العراقي ، فلا يصح اذن ان نقابل العراقيين ،
اغنياء وفقراء ، بهذه الروحية من التذمر وعدم تحمل الاخر ، واعتباره عبئا
، خصوصا ، ان العراقي لم يتعامل مع العربي في يوم من الايام ، بهذه
الروحية السلبية.
الاغلبية
العظمى من الاردنيين تحب العراقيين وتحترمهم ، وهذه القلة التي تسيء الى
العراقيين لا تمثلنا ، لان نفسها شحيحة ، وصدرها ضيق ، وبلا بصيرة ،
والعراقي في الاردن ، بين اهله وناسه ، ومن حقه ان نجيره ونقف الى جانبه ،
لا.. ان نمسه في عز حاجته وضعفه وتكالب الدنيا عليه ، وهذه القلة القليلة
التي تسيء باسمنا ، تجدها غير قادرة حتى على احتمال نفسها ، اذا نظرت
لنفسها في مرآة الحقيقة.
لا
انسى ما حييت الشرطي ، الذي اوقف عراقيا بلا اقامة رسمية ، فتركه وقال له
اذهب فوالله لن اسجل على نفسي امام الله انني آذيت عراقيا ، في محنته. هذا
الذي يمثلنا ، ويمثل شعبنا في كل مكان.