منتديات الجنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات الجنة

منتديات الجنة منتدى عراقي يهتم بالطلبة العراقيين والشباب العراقي ... منوع اجتماعي خدمي


    تفسير قوله تعالى ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ) سورة التوبة الأية 122

    zaied
    zaied
    نائب المدير العام
    نائب المدير العام


    الجنس : ذكر
    الانتساب الانتساب : 23/06/2009
    العمر العمر : 27
    المساهمات المساهمات : 4230
    نقاط التميز نقاط التميز : 6429
    تقيم المستوى تقيم المستوى : 4

    تفسير قوله تعالى ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ) سورة التوبة الأية 122 Empty تفسير قوله تعالى ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ) سورة التوبة الأية 122

    مُساهمة من طرف zaied 2010-06-20, 1:55 pm

    <td style="PADDING-RIGHT: 2px; PADDING-LEFT: 2px; PADDING-BOTTOM: 2px; PADDING-TOP: 2px" width="33%" background=http://vb.7cc.com/images/toolbox/myframes/7.gif>
    <TABLE style="WIDTH: 98.48%; HEIGHT: 307px"><TR>
    تفسير قوله تعالى ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ) سورة التوبة الأية 122 Iconتفسير قوله تعالى ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ) سورة التوبة الأية 122 Tl7





    </SPAN></SPAN></SPAN>
    <td align=right width="99%">
    </SPAN>





    تفسير قوله تعالى ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ) سورة التوبة الأية 122 I239734482_76137_7
    تفسير قوله تعالى ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ) سورة التوبة الأية 122 Alslam
    تفسير قوله تعالى ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ) سورة التوبة الآية 122

    تفسير إبن كثير





    <TABLE cellSpacing=3 cellPadding=0 width="98%" align=center border=0 hspace="0" vspace="0">

    <TR>
    <td dir=rtl align=right width="100%">
    تفسير قوله تعالى ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ) سورة التوبة الأية 122 1 وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ
    هَذَا بَيَان مِنْ اللَّه تَعَالَى لِمَا أَرَادَ مِنْ نَفِير الْأَحْيَاء مَعَ الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَة تَبُوك فَإِنَّهُ قَدْ ذَهَبَتْ طَائِفَة مِنْ السَّلَف إِلَى أَنَّهُ كَانَ يَجِب النَّفِير عَلَى كُلّ مُسْلِم إِذَا خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا " وَقَالَ " مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَة وَمَنْ حَوْلهمْ مِنْ الْأَعْرَاب " الْآيَة قَالَ فَنُسِخَ ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآيَة وَقَدْ يُقَال إِنَّ هَذَا بَيَان لِمُرَادِهِ تَعَالَى مِنْ نَفِير الْأَحْيَاء كُلّهَا وَشِرْذِمَة مِنْ كُلّ قَبِيلَة إِنْ لَمْ يَخْرُجُوا كُلّهمْ لِيَتَفَقَّه الْخَارِجُونَ مَعَ الرَّسُول بِمَا يَنْزِل مِنْ الْوَحْي عَلَيْهِ وَيُنْذِرُوا قَوْمهمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْر الْعَدُوّ فَيَجْتَمِع لَهُمْ الْأَمْرَانِ فِي هَذَا النَّفِير الْمُعَيَّن وَبَعْده صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكُون الطَّائِفَة النَّافِرَة مِنْ الْحَيّ إِمَّا لِلتَّفَقُّهِ وَإِمَّا لِلْجِهَادِ فَإِنَّهُ فَرْض كِفَايَة عَلَى الْأَحْيَاء وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي الْآيَة " وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّة " يَقُول مَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا جَمِيعًا وَيَتْرُكُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْده " فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلّ فِرْقَة مِنْهُمْ طَائِفَة " يَعْنِي عُصْبَة يَعْنِي السَّرَايَا وَلَا يَسِيرُوا إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِذَا رَجَعَتْ السَّرَايَا وَقَدْ أُنْزِلَ بَعْدهمْ قُرْآن تَعَلَّمَهُ الْقَاعِدُونَ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا إِنَّ اللَّه قَدْ أَنْزَلَ عَلَى نَبِيّكُمْ قُرْآنًا وَقَدْ تَعَلَّمْنَاهُ فَتَمْكُث السَّرَايَا يَتَعَلَّمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى نَبِيّهمْ بَعْدهمْ وَيَبْعَث سَرَايَا أُخْرَى فَذَلِكَ قَوْله " لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّين " يَقُول لِيَتَعَلَّمُوا مَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى نَبِيّهمْ وَلِيَعْلَمُوا السَّرَايَا إِذَا رَجَعَتْ إِلَيْهِمْ " لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ " وَقَالَ مُجَاهِد نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي أُنَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجُوا فِي الْبَوَادِي فَأَصَابُوا مِنْ النَّاس مَعْرُوفًا وَمِنْ الْخِصْب مَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَدَعَوْا مِنْ وَجَدُوا مِنْ النَّاس إِلَى الْهُدَى فَقَالَ النَّاس لَهُمْ مَا نَرَاكُمْ إِلَّا وَقَدْ تَرَكْتُمْ أَصْحَابكُمْ وَجِئْتُمُونَا فَوَجَدُوا فِي أَنْفُسهمْ مِنْ ذَلِكَ تَحَرُّجًا وَأَقْبَلُوا مِنْ الْبَادِيَة كُلّهمْ حَتَّى دَخَلُوا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلّ فِرْقَة مِنْهُمْ طَائِفَة " يَبْغُونَ الْخَيْر " لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّين " وَلِيَسْتَمِعُوا مَا فِي النَّاس وَمَا أَنْزَلَ اللَّه فَعُذْرهمْ " وَلِيُنْذِرُوا قَوْمهمْ " النَّاس كُلّهمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ " لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ " وَقَالَ قَتَادَة فِي الْآيَة هَذَا إِذَا بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُيُوش أَمَرَهُمْ اللَّه أَنْ يَغْزُو بِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُقِيم طَائِفَة مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَتَفَقَّه فِي الدِّين وَتَنْطَلِق طَائِفَة تَدْعُو قَوْمهَا وَتُحَذِّرهُمْ وَقَائِع اللَّه فِيمَنْ خَلَا قَبْلهمْ وَقَالَ الضَّحَّاك : كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا بِنَفْسِهِ لَمْ يَحِلّ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَخَلَّف عَنْهُ إِلَّا أَهْل الْأَعْذَار وَكَانَ إِذَا قَامَ وَأَسْرَى السَّرَايَا لَمْ يَحِلّ لَهُمْ أَنْ يَنْطَلِقُوا إِلَّا بِإِذْنِهِ وَكَانَ الرَّجُل إِذَا أَسْرَى فَنَزَلَ بَعْده قُرْآن وَتَلَاهُ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابه الْقَاعِدِينَ مَعَهُ فَإِذَا رَجَعَتْ السَّرِيَّة قَالَ لَهُمْ الَّذِينَ أَقَامُوا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّه أَنْزَلَ بَعْدكُمْ عَلَى نَبِيّه قُرْآنًا فَيُقْرِئُونَهُمْ وَيُفَقِّهُونَهُمْ فِي الدِّين وَهُوَ قَوْله " وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّة " يَقُول إِذَا قَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلّ فِرْقَة مِنْهُمْ طَائِفَة " يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْفِرُوا جَمِيعًا وَنَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِد , وَلَكِنْ إِذَا قَعَدَ نَبِيّ اللَّه فَسَرَتْ السَّرَايَا وَقَعَدَ مَعَهُ مُعْظَم النَّاس . وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة أَيْضًا عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَوْله " وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّة " إِنَّهَا لَيْسَتْ فِي الْجِهَاد وَلَكِنْ لَمَّا دَعَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُضَر بِالسِّنِينَ أَجْدَبَتْ بِلَادهمْ وَكَانَتْ الْقَبِيلَة مِنْهُمْ تُقْبِل بِأَسْرِهَا حَتَّى يَحِلُّوا بِالْمَدِينَةِ مِنْ الْجَهْد وَيَعْتَلُّوا بِالْإِسْلَامِ وَهُمْ كَاذِبُونَ فَضَيَّقُوا عَلَى أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَجْهَدُوهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى يُخْبِر رَسُوله أَنَّهُمْ لَيْسُوا مُؤْمِنِينَ فَرَدَّهُمْ رَسُول اللَّه إِلَى عَشَائِرهمْ وَحَذَّرَ قَوْمهمْ أَنْ يَفْعَلُوا فِعْلهمْ فَذَلِكَ قَوْله " وَلِيُنْذَرُوا قَوْمهمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ " الْآيَة وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة : كَانَ يَنْطَلِق مِنْ كُلّ حَيّ مِنْ الْعَرَب عِصَابَة فَيَأْتُونَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَسْأَلُونَهُ عَمَّا يُرِيدُونَ مِنْ أَمْر دِينهمْ وَيَتَفَقَّهُونَ فِي دِينهمْ وَيَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَأْمُرنَا أَنْ نَفْعَلهُ ؟ وَأَخْبِرْنَا بِمَا نَأْمُر بِهِ عَشَائِرنَا إِذَا قَدِمْنَا عَلَيْهِمْ قَالَ : فَيَأْمُرهُمْ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَاعَةِ اللَّه وَطَاعَة رَسُوله وَيَبْعَثهُمْ إِلَى قَوْمهمْ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة وَكَانُوا إِذَا أَتَوْا قَوْمهمْ قَالُوا إِنَّ مَنْ أَسْلَمَ فَهُوَ مِنَّا وَيُنْذِرُونَهُمْ حَتَّى إِنَّ الرَّجُل لَيُفَارِق أَبَاهُ وَأُمّه وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرهُمْ وَيُنْذَرهُمْ قَوْمهمْ فَإِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ يَدْعُونَهُمْ إِلَى الْإِسْلَام وَيُنْذِرُونَهُمْ النَّار وَيُبَشِّرُونَهُمْ بِالْجَنَّةِ , وَقَالَ عِكْرِمَة لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة " إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا " " وَمَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَة " الْآيَة قَالَ الْمُنَافِقُونَ هَلَكَ أَصْحَاب الْبَدْو الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ مُحَمَّد وَلَمْ يَنْفِرُوا مَعَهُ وَقَدْ كَانَ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجُوا إِلَى الْبَدْو إِلَى قَوْمهمْ يُفَقِّهُونَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّة " الْآيَة وَنَزَلَتْ " وَاَلَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّه مِنْ بَعْد مَا اُسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتهمْ دَاحِضَة عِنْد رَبّهمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَب وَلَهُمْ عَذَاب شَدِيد " وَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ فِي الْآيَة : لِيَتَفَقَّه الَّذِينَ خَرَجُوا بِمَا يُرِيهِمْ اللَّه مِنْ الظُّهُور عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَالنُّصْرَة وَيُنْذِرُوا قَوْمهمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ .</SPAN></TD></TR></TABLE>
    المصدر / موقع الإسلام

    فائدة

    فقه النفرة في سبيل الله </SPAN>

    (( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِينفرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لّيِتَفَقَّهُوا فِي الدّيِنِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِليْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحذَرُونَ )) [ التوبة : 122 ]</SPAN>
    هذه الآية الكريمة من سورة التوبة نراها مليئة بالتوجيه الممتد مع الزمن مهما كانت أسباب النزول . فقد تنزل الآية الكريمة مع حادثة ولكن حكمها وحكمتها لا تنحصر في الحادثة فقط . وإنما تمثل قاعدة من الحق المطلق الماضي مع الزمن كله .
    وعند العودة إلى كتب التفسير نجد أن المفسرين اختلفوا في المعنى المقصود من هذه الآية . فقال بعضهم : إنها نزلت لتبين أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يعذر أولئك الذين بعثهم رسوله صلى الله عليه وسلم إلى البادية ، فلما سمعوا قوله سبحانه وتعالى : ((ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ... )) ، انصرفوا عن البادية إلى المدينة خشية أن يكونوا ممن تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    وقال بعضهم : كان يكفي أن ينفر من كل حي أو قبيلة طائفة منهم للجهاد ، وتبقى طائفة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة ليتفقهوا بصحبتهم لرسول الله ، ويعلموا ما نزل من القرآن ، ثم يبلغوا الذين نفروا للجهاد عند عودتهم بما نزل من القرآن الكريم . و هذا التأويل ينطبق في حالة السرايا التي يبعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    وقال بعضهم : كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم عصابة من كل حي من العرب يسألونه عما يريدونه من دينهم . فيفقههم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأمرهم ويعلمهم ، فيعودون إلى قومهم ينذرونهم بعذاب الله إن كفروا ويبشرونهم بالجنة إن آمنوا .
    وقال بعضهم : إن هذه الآية تكذيب للمنافقين الذين أزْرَوا بأعراب المسلمين وعابوا عليهم تخلفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما كان للمنافقين أن يفعلوا ذلك ، لأن هؤلاء الأعراب كانوا ممن عذرهم الله .
    وقال آخرون : إن معنى هذه الآية أن تنفر طائفة لتتفقه في الدين من خلال نفرتهم وجهادهم العدو ، حتى إذا عادوا أنذروا قومهم بخطر العدو حتى يستعدوا لهم ويحذروهم . ويكون الفقه بما يرون من آيات الله في الجهاد والنصر الذي ينزل على عباده المؤمنين .
    وحين مراجعة مختلف أقوال المفسّرين نجد أن معظمهم يربط التفسير بحادثة أو واقع معين أو مرحلة معينة .
    ونعتقد أن تفسير أي آية يجب أن يرتبط بالخط العام للسورة التي هي فيها ، والآيات التي قبلها والتي بعدها ، ويستفاد من الأحداث والوقائع المرتبطة بها ، لنخرج من ذلك كله بصورة واضحة من التفسير والمعنى الذي نحتاجه في واقعنا اليوم وفي كل واقع آخر ، في ممارسة إيمانية وتطبيق إيماني .
    نؤمن أن الآيات تمثل ما نسميه " الحق المطلق " الذي يحتاجه كل زمان ومكان ، إنه الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، إنه تنزيل من حكيم حميد :
    (( إنَّ الذين كفرُوا بالذّكْرِ لمَّا جاءهُم وإِنَّهُ لكتابٌ عزِيزٌ . لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا مِنْ خلْفِهِ تنزيلٌ مِنْ حكيمٍ حميدٍ )) [ فصلت : 42،41 ]
    وكذلك :
    (( قل يا أيها النَّاس قد جاءكم الحق من ربكم فمنِ اهتدى فإِنما يهتدي لنفسه ومن ضلَّ فإِنَّما يضلُّ عليها وما أنا عليكم بوكيل )) [ يونس : 108 ]
    سورة التوبة ، ولها أسماء متعددة . فتسمى "براءة " ، وتسمى "الفاضحة " ، وتسمى " الحافرة " (1) .
    وسورة التوبة من أواخر ما نزل على رسول صلى الله عليه وسلم . ولقد نزل أول هذه السورة لما رجع من غزوة تبوك وهمَّ بالحج .
    تتحدث السورة من أولها عن العلاقة والموقف من المشركين ، وتحدد ذلك تحديداً حاسماً ، ينهى المسلمين عن أن يُخدعوا بأفواه المشركين ، فهم المعتدون الظالمون المجرمون أبداً ما داموا على شركهم .
    وتضع السورة قواعد فاصلة في الفكر وفي العلاقات وفي أسس الإيمان والتوحيد ، الأسس التي يبنى عليها الفكر والرأي والفقه والموقف ، فتشرق من خلال ذلك معاني الآيات :
    (( أم حسبتُم أن تُتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتَّخذوا من دُون الله ولا رسوله ولا المُؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون )) [ التوبة : 16 ]
    هو الابتلاء والتمحيص في تحديد المواقف والعمل ، مع مشركين ظالمين أبداً :
    (( لا يرقُبُون في مُؤمنٍ إِلا ولا ذمَّةً وأولئك هُمُ المعتدون )) [ التوبة : 10 ]
    وكذلك :
    (( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين . الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون . يبشرهم ربهم برحمةٍ منه ورضوانٍ وجناتٍ لهم فيها نعيم مقيم . خالدين فيها أبداً إن الله عنده أجر عظيم )) [ التوبة : 19ـ 22 ]
    وتتوالى الآيات الكريمة لتقرر حقائق مطلقة يجب ممارستها في واقع حياة المؤمنين وفي علاقاتهم مع أبنائهم وآبائهم وأزواجهم ، وكذلك في تجارتهم ومختلف شؤون حياتهم :
    (( قُل إِن كان آباؤكم وأبناؤكم وإِخوانكم وأزواجُكم وعشيرتُكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين )) [ التوبة : 24 ]
    قواعد إيمانية متتالية وأسس راسخة : تُحدِّد طبيعة الصلات مع الآباء والأبناء وغيرهم ، وتُحرِّم موالاتهم ، والإيمان يجعل الولاء الأول لله وحده ومنه تنبع أي موالاة في الحياة الدنيا ، والإيمان يجعل الحب الأكبر لله ولرسوله لا يعدله حب آخر أبداً ، ولا يعدله حب الآباء والأبناء والزوجات والتجارة والمساكن وكل متاع الدنيا .
    إذا لم يلتزم المؤمنون هذه القواعد الأساسية في واقع الحياة ، فليتربصوا ولينتظروا عذاباً من الله ينزل على الذين فسقوا عن أمره وخالفوا هذه الأسس .
    كل آية ترسي قاعدة هامة من قواعد الإيمان ، قاعدة يجب ممارستها وتطبيقها . وتتوالى الآيات في سورة التوبة وفي غيرها من السور لترسي هذه القواعد والأسس نهجاً متماسكاً مترابطاً ، على أساسه ومن خلاله تفهم الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة ، في جو من التناسق والترابط دون تضارب أو تعارض .
    ونأخذ قبسات أخرى ليمتد بنا نهج السورة وقواعد الإيمان المترابطة المتناسقة :
    (( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يُحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينُون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يُعطُوا الجِزْيةَ عن يدٍ وهم صاغرون )) [ التوبة : 29 ]
    قواعد ربانية متماسكة مع ما قبلها ومع ما بعدها ، في نهج متكامل يبني أمة مسلمة واحدة ، قوية عزيزة ، العزة فيها لله ولرسوله وللمؤمنين ، تعرف متى تقاتل ، ومن تقاتل ، وكيف تقاتل . وكأن هذا النهج بنيان إذا نُقض أساس من أسسه تبدأ تنهار أسس أخرى ، ويتعرض البناء كله للخطر !
    وكذلك :
    (( يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل . إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً والله على كل شيءٍ قدير . )) [ التوبة : 39،38 ]
    وكذلك :
    (( انفروا خِفافاً وثِقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خيرٌ لكم إِن كنتم تعلمُونَ )) [ التوبة : 41 ]
    نعم ! كيفُ يُحمَى البناء إذا لم يكن له أهل يحمونه ؟! وكيف تقوم العزة إذا لم يقم لها جنود الرحمن يعلونها في الأرض ظلاً ندياً يستظل فيه المستضعفون ويفيء إليه المظلومون ؟ !
    وتمتد الآيات الكريمة تعرض صورة النفاق والمنافقين الموجودين بين المؤمنين . وتكشف الآيات الكريمة سماتهم وخصائصهم التي تفضحهم ، وتحدد الموقف منهم ، وتدرس نفسياتهم وما يخفون فيها ، ومواقفهم التي يخذلون بها المؤمنين في ساعات النفرة ولحظات الشدة ، كما حدث في عزوة تبوك ، حيث كانوا هم المتخلفين الذين أخفوا نفاقهم بما قدموا من أعذار كاذبة ، حتى بيّن الله لنا كذبهم وبيّن الثلاثة الذين تخلفوا واعترفوا بأنه لم يكن لهم عذر ، فصدقوا الله ورسوله ، ونزل بحقهم العقاب في الدنيا ، وتُرِك المنافقون ، بعد أن فُضِحوا ، لعذاب الله في الآخرة ، ورُفضت أموالهم ، ومات من مات منهم وهم كافرون .
    وتعدد السورة نماذج أهل المدينة ومن حولها من الأعراب ، نموذجاً نموذجاً ، ثم تعرض السورة الصورة المشرقة للمهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان على صراط مستقيم . ثم تتحدث السورة عن الثلاثة الذين خُلِّفوا واعترفوا بذنبهم ، وينكشف بذلك صورتان : صورة المنافقين الذين كذبوا بأعذارهم فلم يعاقبوا ، وصورة الثلاثة الذين خُلّفوا وصدقوا باعترافهم بذنبهم ، فعوقبوا وكانوا صادقين . ثم يختم هذا العرض بالقاعدة الإيمانية الكبيرة بقوله تعالى :
    (( يا أيها الذين آمنوا اتّقوا الله وكُونوا مع الصادقين )) [ التوبة : 119 ]
    كانت هذه الآية الكريمة خاتمة المشهد الذي استغرق معظم السورة ، مشهد المتخلفين المنافقين الذي تُرِكوا لأعذارهم الكاذبة ولعقابهم عند الله ، والثلاثة الذين خُلِّفوا وصدقوا ، وجَاءت الخاتمة : (( ... اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )) . من خلال هذه المشاهد المتتالية ، والقواعد الربانية المتماسكة تأتي الآية الكريمة :
    (( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون )) .
    وقبل هذه الآية الكريمة جاءت الآيات الكريمة التي تبين أن الله سبحانه وتعالى تاب على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة ، وعلى الثلاثة الذين خُلِّفوا . وكذلك تأتي الآيات التي تبيِّن أنه ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بـأنفسهم عن نفسه . ثم يأتي قوله سبحانه وتعالى بعد الآية موضوع الدراسة والبحث :
    (( يَا أَيُّها الَّذين آمنوا قاتِلُوا الَّذيِنَ يَلُونَكُم مِنَ الكُفَّارِ وليجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً واعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ )) [ التوبة : 123 ]
    فمحور سورة التوبة هو النَّفْر في سبيل الله لنشر الدعوة الإسلامية ومجاهدة الكافرين والمشركين الذين يصدون عن سبيل الله .
    والنّفْر في سبيل الله نهج يحمل أهدافه الربانية . وهذا النهج لا يحتاج أن ينفر المؤمنون كلهم فرداً فرداً ، ولكنه يفرض شروطاً أساسية يجب توافرها في واقع المؤمنين :
    • أولاً :
    أن يكون جميع المؤمنين مستعدين للنفر إذا صدر إليهم الأمر ، قادرين عليه إلا من عذر الله ، وأعدوا العدة من تدريب وبناء ورباط وقوة يرهبون بها عدو الله . كل مؤمن مكلف في دين الله أن يكون مقاتلاً مستعداً للجهاد في سبيل الله ، ليكون المؤمنون جميعهم أمة واحدة وصفاً واحداً كالبنيان المرصوص يحمل رسالة الله إلى الناس كافة :
    (( إِنَّ الله يُحبُّ الَّدِين يُقَاتِلُون في سبيله صفَّاً كأنهم بُنيان مَّرْصُوصٌ )) [ الصف : 4 ]
    وفي جميع الآيات الكريمة التي تتحدث عن الجهاد ، يتوجه الخطاب إلى المؤمنين كافة دون استثناء أحد منهم :
    (( تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كُنتم تعلمون )) [ الصف : 11 ]
    وكذلك :
    (( قاتلُوهم يُعذبهم الله بأيديكم ويُخزهِم وينصُركُم عليهم ويشفِ صُدُور قوْمٍ مؤمنين )) [ التوبة : 14 ]
    (( يا أيها الذين آمنـوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون . وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج مّلَّة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شُهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النّصير )) [ الحج 77 ، 78 ]
    ويرتبط الجهاد حينـاً بالإيمان والتقوى ، وحيناً بالشعائر ، وحيناً بمنع الفتنة ، ويمتد في حياة المؤمنين حتى يكون ذروة سنام الإسلام كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه معـاذ رضي الله عنه ، والذي جاء فيه :
    " ..... ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه . قلت : بلى يا رسول الله ! قال : رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله " [ رواه الترمذي وقال حسن صحيح ] 2
    وكذلك في سورة التوبة نفسها :
    (( إن عدَّة الشُهٌور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حُرُمٌ ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافّة كما يقاتلونكم كافّة واعلموا أن الله مع المتقين )) [ التوبة : 36 ]
    • ثانياً :
    أن ينفر من المؤمنين ما يكفي لبلوغ النصر وحماية دار الإسلام وحرمات المسلمين وثرواتهم . فقد يكون الواجب أن ينفر المؤمنون كلهم :
    (( انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إِن كنتم تعلمون )) [ التوبة : 41 ]
    وقد يكفي أن ينفر من كل فرقة منهم طائفة كما في الآية موضع البحث :
    " وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ... " !
    وهذا أقل ما يجب على الأمة المسلمة أن تفعله في ميادين الجهاد الممتدة في الأرض والزمن .
    وحين تنفر فئة من كل فرقة ، فإن الباقين جاهزون ، قادرون ، يمكنهم النزول إذا تطلبت المعركة ذلك ، أو إذا اشتد الخطر على المسلمين .
    وعندئـذ يصبح ميدان الجهاد ميدان فقه . وهذه نقلة عظيمة للفقه في الإسلام ، حتى يمتد الفقه ومفهومه إلى ميادين الحياة كلها ، ابتداءً من حياة الفرد إلى الأسرة والبيت ، إلى الوظيفة إلى التجارة ، و إلى ميادين الدعوة والتربية والجهاد والحكم وغير ذلك . (3)
    فهذه الآية الكريمة تبين لنا هذه النقلة العظيمة في الفقه ، حين تنص :
    " ... فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ... " . فمعنى الآية واضح جليُّ محكم تدل عليه اللغة العربية وترابط الضمائر : " فلولا نفر من كل فرقة ... ليتفقهوا ... " . فالذين يتفقهون هم الذين ينفرون إلى الجهاد ، حيث يرون آيات الله في الواقع ، ويرون سنته وفضله ونعمته على المؤمنين الصادقين المتقين المجاهدين بالنصر ، وحين يرون العبرة بعد العبرة والعظة بعد العظة ، في ميدان القتال . حتى إذا رجع هؤلاء المجاهدون إلى قومهم حدثوهم بخطر الأعداء على دين الله ، على الإسلام ، على المسلمين ، ليأخذوا حذرهم فوراً ويظلُّوا على استعداد دائم لينفروا ، وليُعدُّوا كل عدة لازمة للميدان .
    إن هذا المعنى للآية الكريمة متناسق كل التناسق مع الآيات قبلها وبعدها ، ومتناسق مع نهج سورة التوبة وموضوعها وخطها ، ومتناسق مع أسس الإيمان والتوحيد ، وقواعد منهاج الله ، وتؤكده لنا قواعد اللغة العربية .
    وكذلك ، فإننا بهذا التصور نكون مطالبين بممارسة هذه الآية الكريمة في واقعنا ، في كل واقع ، وبخاصة في واقعنا اليوم .
    هذا هو حكم الإسلام وفقهه الجلي المشرق ، الفقه الذي يجب أن يظل مشرقاً في حياة الأمة ، ليعرف كل مسلم مسؤولياته الفردية التي سيحاسبه الله عليها يوم القيامة .
    ونخرج من هذه الآية الكريمة ومن السور كلها ، بقاعدة رئيسة يؤكدها منهاج الله في سورة بعد سورة ، وحديث بعد حديث . هذه القاعدة هي أن المؤمنين أمة واحدة ، لهم رابطة واحدة ، تنشأ الحقوق والواجبات من هذه القاعدة العظيمة ، القاعدة الربانية المؤكـدة في سور عدة بإلحاح وتكرار حتى لا يتفلت منها المؤمنون ، فينهاروا ويذلوا ، ويصبحوا غثاءً كغثاء السيل .
    في واقعنا اليوم ، واقع المسلمين ، جميع المسلمين ، علينا أن نردَّ واقعنا إلى منهاج الله ، كما يـأمرنا الله سبحانه وتعالى ، وأن نبحث عن أخطائنا وزللنا على أسـاس من ميزان واضح دقيق هو منهاج الله ، فنعالج أخطاءنا وعيوبنا على نفـس الأساس والميزان ، عسى أن يتقبل الله توبتنا وأوبتنا ، ويمدنا بنصر من عنده .
    هذا هو السبيل الوحيد ، ولا أرى سبيلاً سواه ، سوى المضي من هزيمة إلى هزيمة وهوان إلى هوان إذا خرجنا عنه وانحرفنا عن الصراط المستقيم . ونرى من خلال هذه الآيات وآيات أخرى مترابطة في كتاب الله أن الجهاد في سبيل الله نهج ممتد متكامل ، يجب تطبيقه بتكامله . ففيه البناء والتماسك وإعداد القوة التي ترهب عدو الله . وهو نهج له أهدافه ورسالته العظيمة في الحياة الدنيا ، حين يحمل رسالة الله ليبلغها للناس كافة على مدى العصور ، فحينئذ يكون الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) تفسير ابن عطية : المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز : لأبي محمد عبد الحق بن عطية الأندلسي .
    (2) الترمذي : 41/8/2616 .
    (3) يراجع كتاب " الفقه امتداده وشموله بين المنهاج الرباني والواقع " ، للمؤلف .</SPAN>
    </SPAN>
    المصدر / موقع النحوي</SPAN>


    تفسير قوله تعالى ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ) سورة التوبة الأية 122 15673



    </TD></TR></TABLE>

      الوقت/التاريخ الآن هو 2024-11-27, 9:27 am