منتديات الجنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات الجنة

منتديات الجنة منتدى عراقي يهتم بالطلبة العراقيين والشباب العراقي ... منوع اجتماعي خدمي


    كيف تكسب دون أن تتعب ...و الله امر مهم لكل من يهمه الامر

    zaied
    zaied
    نائب المدير العام
    نائب المدير العام


    الجنس : ذكر
    الانتساب الانتساب : 23/06/2009
    العمر العمر : 27
    المساهمات المساهمات : 4230
    نقاط التميز نقاط التميز : 6429
    تقيم المستوى تقيم المستوى : 4

    كيف تكسب دون أن تتعب ...و الله امر مهم لكل من يهمه الامر Empty كيف تكسب دون أن تتعب ...و الله امر مهم لكل من يهمه الامر

    مُساهمة من طرف zaied 2010-06-19, 4:50 pm

    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
    فمن رحمة الله تعالى بعباده وفضله عليهم أن نوع لهم العبادات والقربات التي تقربهم إليه، ولم يجعل هذه العبادات والقربات مشروطة بعمل بدني أو قولي أو مالي قد يصعب أدائها على البعض أو تشق عليهم، بل تفضّل عليهم - سبحانه - بما هو أيسر من ذلك، ويستطيعه كل إنسان بدون جهد أو تعب ألا وهو النية الصادقة والعزيمة الجادة على حب الخير وفعله.


    المقصود بالنية

    النية في الاصطلاح الشرعي هي: عزم القلب على فعل الشيء.
    وهي أساس العمل وقاعدته، ورأس الأمر وعموده، وأصله الذي عليه بني، لأنها روح العمل وقائده وسائقه، والعمل تابع لها، يصح بصحتها ويفسد بفسادها، بها يحصل التوفيق، وبعدمها يحصل الخذلان، وبحسبها تتفاوت الدرجات في الدنيا والآخرة.
    ولهذا جعل الإسلام جزاء الفعل ثواباً وعقاباً مرتبطاً بالنية ارتباطاً وثيقاً وجعلها شرطاً لقبول العمل، فمن الناس من يصنع المعروف ويسدي الجميل استمالة للقلوب، ومنهم من يصنعه مكافأة للإحسان، ومنهم من يصنعه لطلب سمعة وشهرة، لكن الإسلام لا يعتد بكل ذلك ولا يقبله من العبد إلا إذا صلحت نيته وكان عمله خالصاً لوجه الله تعالى، ولهذا قال كيف تكسب دون أن تتعب ...و الله امر مهم لكل من يهمه الامر Icon: { إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه } [متفق عليه].
    يبين كيف تكسب دون أن تتعب ...و الله امر مهم لكل من يهمه الامر Article_salla في هذا الحديث حكم الشرع في الأعمال وهو أن حظ العامل من عمله نيته فإن كانت صالحة فعمله صالح وله أجره وإن كانت فاسدة فعمله فاسد وعليه وزره، وإن كانت نيته مباحة فعمله مباحاً.
    وهذا يدل على أهمية ومكانة النية، وأن المسلم بحاجة إلى إصلاح النية، فإذا صلحت أعطي العبد الأجر الكبير والثواب العظيم ولو لم يعمل إنما نوى نية صالحة، ولهذا قال رسول الله كيف تكسب دون أن تتعب ...و الله امر مهم لكل من يهمه الامر Article_salla: { إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيماً صحيحاً } [رواه البخاري]، وقال كيف تكسب دون أن تتعب ...و الله امر مهم لكل من يهمه الامر Article_salla: { من همّ بحسنة ولم يعملها كُتبت له حسنة فإن همّ بها فعملها، كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة } [رواه البخاري ومسلم]، وقال عليه الصلاة والسلام بعد غزوة تبوك: { إن أقواماً خلفناهم بالمدينة ما سلكنا شعباً ولا وادياً إلا وهم معنا حبسهم العذر } [رواه البخاري]، علم الله من صدق نياتهم ما أعطاهم به الأجر وهم قاعدون بيوتهم.
    فبمجرد القصد الصالح يكون العمل صالحاً يثبت به الأجر، وتحصيل به المثوبة، وبمجرد الهم الفاسد السيء يكون العمل سيئاً يثبت به الإثم والوزر وتحصل به العقوبة.
    والنية ليست مجرد لفظ باللسان: ( اللهم إني نويت كذا وكذا ) ولا هي حديث نفس فحسب، بل هي انبعاث القلب نحو العمل الموافق لغرض صحيح من جلب نفع أو دفع ضر حالاً أو مآلاً.


    فضل النية وأثرها على العمل

    إذا أصلح العبد نيته لله فإن حركاته وسكناته ونوماته ويقظاته إذا ابتغى بها وجه الله ونوى النية الحسنة فيها تحتسب خطوات إلى مرضاة الله. ويقد يعجز الإنسان عن عمل الخير الذي يصبو إليه لقلة ماله أو ضعف صحته أو لأي سبب من الأسباب الخارجة عن إرادته وهو في نيته عمل ذلك لو استطاع إليه سبيلاً، فيجازيه الله بحسب نيته. وقد يرفع الله الحريص على الإصلاح إلى مراتب المصلحين، والراغب في الجهاد إلى مراتب المجاهدين، والمتطلع إلى الإنفاق إلى مراتب المحسنين الباذلين لأن بعد هممهم وصدق نياتهم أرجح لديه من عجز وسائلهم.
    فليحرص الإنسان على فعل الخير والسعي إليه وتمني فعله أو المشاركة في فعله بنية صادقة وليس تمنياً كاذباً بدون سعي إليه ورغبة فيه.
    وقد قال قائل: ( دلوني على عمل لا أزال به عاملاً لله تعالى ). فقيل له: ( انو الخير، فإنك لا تزال عاملاً وإن لم تعمل، فالنية تعمل ولو عُدم العمل ).
    وكذلك النية السيئة إذا همّ بها الإنسان وعزم على فعلها أو تمني فعلها ولكن لم يقدر على ذلك لمانع خارج عن قدرته وإرادته فإنه في هذه الحالة تكتب عليه سيئات المعاصي التي يتمنى فعلها إذا قدر عليها.
    يقول كيف تكسب دون أن تتعب ...و الله امر مهم لكل من يهمه الامر Article_salla: { الناس أربعة: رجل آتاه الله عز وجل علماً ومالاً فهو يعمل بعلمه في ماله فيقول رجل لو آتاني الله تعالى مثل ما آتاه الله لعملت كما عمل، فهما في الأجر سواء، ورجل آتاه مالاً ولم يؤته علماً فهو يخبط في ماله، فيقول رجل لو آتاني الله مثل ما آتاه عملت كما يعمل، فهما في الوزر سواء } [رواه ابن ماجه والترمذي. وقال حديث حسن صحيح]، فأثيب ذو النية الصالحة بثواب العمل الصالح وهو لم يعمله، ووزر صاحب النية الفاسدة بوزر صاحب العمل الفاسد وهو لم يعمله، وكان مرد ذلك إلى النية وحدها.


    استحباب استحضار النية الصالحة في المباحث

    الأفعال والأقوال المباحة كثيرة جداً، وإذا لم يقصد بها العبد النية الصالحة فإنها لن تعود عليه بالنفع الأخروي، فإذا أحسن المكلف القصد والتوجه حين القيام بها فإن هذه الأعمال من المطعم والمشرب والنوم والمتاجرة والصناعة تصبح ثروات تنفعه عندما يقدم على ربه يوم القيامة لأن النية الصالحة تحيل العادات إلى عبادات، ولذلك حث العلماء ورغبوا في استحضارالنية عند المباحت والعادات ليثاب العبد عليها ثواب العبادات مع أنه لا مشقة علينا في القيام بها، بل هي مألوفة للناس، مستلذة، وهذا من عظيم سعة رحمة الله وكبير منته أن أباح لعباده الطيبات التي يشتهونها ثم بعد ذلك يثيبهم عليها بحسن نياتهم.
    فإذا كان الأمر كذلك فينبغي للمسلم أن يبني سائر أعماله على صالح النيات، كما يبذل جهده في أن لا يعمل عملاً بدون نية صالحة، إذ النية روح العمل وقوامه فيمكن له أن يستحضر النية الصالحة في الأمور المباحة لتصبح بذلك قربات يثاب عليها، فالأكل والشرب مثلاً إذا قصد به الري والشبع واللذة فإن ذلك مباح، وإن قصد به التقوي على طاعة الله والتقرب إليه بذلك أثيب عليه، وكذلك التطيب إن قصد به التلذذ والتنعم فهو مباح، وإذا نوى به اتباع سنة رسول الله كيف تكسب دون أن تتعب ...و الله امر مهم لكل من يهمه الامر Article_salla فهو قربة وطاعة، وإن نوى به التودد به إلى قلوب النساء والتكاثر والمفاخرة، فهذا يجعل التطيب معصية، وأيضاً السواك إن قصد به التظيف فهو مباح، وإن قصد به اتباع سنة رسول الله كيف تكسب دون أن تتعب ...و الله امر مهم لكل من يهمه الامر Article_salla فهو قربة وطاعة، وكذلك أيضاً إذا عاشر الرجل زوجته فإن قصد به اللذة وقضاء شهوته فإن ذلك مباح له، وإن قصد به إعفاف نفسه وإحصان زوجته وطلب الولد فإن ذلك قربة وطاعة يثاب عليها، وكذلك إكرامه لإخوانه وقرابته وإطعامه لهم في المناسبات إن قصد به رد الجميل لهم والاستئناس بهم فهو مباح، وإن قصد به الإحسان إليهم والتقرب إلى الله بذلك كان عمله هذا صالحاً يثاب عليه، وكذلك إعالته لأهله وأولاده من مطعم ومشرب وملبس ونحو ذلك، إن قصد به إشباعهم والتوسيع عليهم وإغنائهم عن الناس فهو مباح وإن قصد به القيام بالواجب الذي عليه نحوهم والتقرب إلى الله فهو قربة وطاعة، له أجر عليها يقول كيف تكسب دون أن تتعب ...و الله امر مهم لكل من يهمه الامر Article_salla: { إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أثبت عليها حتى اللقمة تضعها في فِيّ - فم - امرأتك } [متفق عليه]، وهكذا في جميع المباحات فليحرص المسلم دائماً على استحضار النية الصالحة والتقرب إلى الله بكل عمل مباح خاصاً به أو لغيره كفعل معروف له أو تقديم خدمة له ليصبح عمله هذا عملاً صالحاً يثاب عليه ويؤجر عليه.
    ولقد ربَّى الأئمة رحمهم الله تلاميذهم على ذلك، فقد روي أن الإمام الشافعي رحمه الله كان جالساً مع تلاميذه فطُرق عليهم الباب فنهض أحدهم فقال الشافعي: ( لماذا قمت؟ ) قال: لأفتح الباب، فقال له مفسحاً دائرة نيته ليزداد أجره وتعظم مثوبته: ( انو إن كان سائلاً أعطيته وإن كان مستفتياً أفتيته وإن كان مستغيثاً أغثته ).
    وهكذا تمتد أبعاد العبادة بقدر امتداد النية المقرونة بالعمل ويستطيع المسلم أن يكون عابداً لله مدى الحياة في يقظته ومنامه في صمته وكلامه، في سعيه لمعاشه ومعاده ما دام عمله موافقاً لشرع الله ونيته وابتغاء وجه الله تعالى، يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: ( العارفون بالله عاداتهم عبادات، والعامة عباداتهم عادات ).
    وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


      الوقت/التاريخ الآن هو 2024-11-05, 6:57 pm