من المنطقي أن نبحث جميعا عن الأمان
والسكينة.
نطاردها أينما كانت،
نرجوها أن تحط على وجداننا،
وبيوتنا، ومجتمعاتنا..
فالشعور بالأمان كان وسيظل حاجة بشرية أصيلة، وضعها النبي
صلى الله عليه
وسلم على قمة هرم الاحتياجات البشرية بقوله عليه السلام
"من أصبح منكم آمناً
في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما
حيزت له الدنيا
بأسرها"، ووضعتها كذلك مدارس علم النفس كركيزة هامة في
قاعدة هرم
الاحتياجات التي من دونها يفتقر المرء إلى عامل هام جدا من
عوامل العيش
الهانئ، وذهب "إبراهام ماسلو" في نظريته "مثلث الاحتياجات"
إلى أن الشعور
بالأمان هو ثاني أهم ما يحتاجه الإنسان في الحياة، بعد
الطعام والشراب؛ بيد
أن هناك شَرَكاً خفيا يقع فيه كثير ممن ينعمون بعد
مشقة، ويهنئون بعد طول
تعب وكفاح!!.
وذلك ميلهم للراحة والدعة والسكون، وهدوء جنانهم كلية،
وفقدهم إلى ما
يستفز لديهم الحماسة، ويحرك فيهم الدوافع.
كثير من البشر عندما يرتاح يتوقف عن
العمل،
والبذل والعطاء..
وكأن القلق والخطر والتوتر هو الحافز الذي يهزهم، ويدفعهم إلى
الخوف،
ومن ثم إلى العمل والإنجاز.
لقد فطن الأديب الروسي "دستويفسكي" إلى هذا الأمر؛ فلقد
أقلقه ذلك
الاطمئنان المالي الذي يأتيه كلما كتب قصة ناجحة؛ مما يجعل
عملية الإبداع
لديه غير متوهجة؛ فيجلس عاطلا عن الإبداع والكتابة إلى
أن ينتهي ما لديه،
ثم يضطره العوز والحاجة إلى الكتابة ثانية!
عاش دستوفيسكي معذبا بتلك الحالة من
الأمان التي تجتاحه..!
نعم..
لقد أهمه هذا الأمر، وبات يفكر في طريقة للتخلص من شعوره
بالاطمئنان
المادي؛ فلجأ إلى حيلة غريبة كي يعود إلى حالة الإبداع، وهي
ذهابه
المتكرر إلى الحانات فلا يبرحها إلا بعد تبديد كل ما يملك، كي يعود
إلى
بيته خاوي الوفاض من المال، مليئا بالحوافز والدوافع!!.
هي بلا شك حيلة سيئة خاسرة، تلك التي حاول
الأديب الروسي الكبير أن
يتغلب من خلالها على مشكلة الترهل والكسل
التي تأتيه حال الغنى؛ لكن الشاهد
هنا أن الشبع والكفاية يدفعان الواحد
كثيرا إلى مربع (الخمول).
ومن المعروف في عالم المبدعين والمفكرين وأصحاب الأعمال التي
تعتمد على
إعمال الذهن والتفكير، أنهم كثيرا ما يلجئون إلى الكسل ما لم
يتوفر دافع
مثير يستحثهم على الإبداع.
بل إن كثيراً من الأدباء والمفكرين؛ ممن عرفتهم يعملون
بنظرية البيت
الآيل للسقوط!..
فينتظرون على أعمالهم إلى أن تحين اللحظة الحاسمة، أو خط
الموت كما
يقولون، ويصبح أمر إنجاز العمل شيئا ضروريا، تماما كمن يجلس
في بيت آيل
للسقوط، لا يتحرك منه إلا إذا شعر به يئن ويهم بالسقوط فوق
رأسه فيقفز
مرعوبا، ويهب لينقذ ما يستطيع إنقاذه!.
وهذه وإن كانت عادة لكثير من المبدعين؛ إلا أنها جزء من
الطبيعة
الإنسانية، وحالة يعيشها معظم البشر.
ولعلك تسألني، وما الحل إذن في هذه المعضلة؟
وأجيبك بأن الحل يكمن في أن يوطن المرء
منا نفسه دائما كي يعود إلى
دائرة التوتر، وأعني هنا التوتر الإيجابي
الذي يؤرق المضجع، ويرهب النفس
فتهب للعمل والإنتاج.
وذلك يكون بتذكير النفس دائما بأن الخيل
الكسولة هي التي يتم استبعادها
من السباق؛ بينما ذو البطن الضامرة هي
التي يراهن عليها الجميع، وأن العقل
الشغوف بالعمل ومقارعة التحديات
مكانه دائما في الصفوف الأمامية.
كذلك من الأهمية أن يغير المرء بين وقت وآخر من نمط حياته،
وطريقة أدائه
لأعماله، وإدخال بعض التعديلات عليها، وفوق هذا خلق تحديا
جديدا يمكّنه من
زعزعه مشاعر الكسل والراحة لديه.
إن النجاح نعمة تستحق الشكر؛ لكنها إذا لم تدفعنا إلى المزيد
من النجاح
تصبح نقمة وبلاء.
النجاح الحقيقي هو الذي يدفعنا للصعود درجة أخرى إضافية نحو
الارتقاء.
نعم نحتفل
بنجاحاتنا، ونأخذ قدرا من الراحة والسعادة والاستمتاع؛ لكننا
يجب أن
نحذر فخ الطمأنينة الزائدة، والاستجابة إلى ما يدعونا إلى السكون
والتبلد.
علماء الإدارة شددوا على أن الواحد منا
يجب أن تكون لديه مجموعة أهداف
بعيدة المدى، وأن يقسمها إلى مرحل
وأجزاء، وقالوا بأن هذه الأهداف من
الأفضل أن تطال الحياة بأكملها، أي
أن تضع خططا وكأنك ستعيش مائة عام؛
فيكون لديك خطط كبيرة وعظيمة، ثم
تأخذ من هذه الأهداف الكبيرة، أهدافا
مرحلية وتعمد إلى تنفيذها؛ فما إن
ينتهي جزء إلا وتبدأ في الآخر، وهكذا.
إنه التحدي المستمر، الذي يجعلك دائما في حالة من العطاء،
ويخيفك من
السكون والهدوء.
دعني ألفت انتباهك بأمثلة تحدث كثيرا من حولنا، كي يقترب إليك
المعنى..
أشخاص كثيرون
حولنا ممن يقومون بعمل ريجيم أو حمية، نراهم بعد أن
يتخلصوا من
الكيلومترات التي تؤرقهم، ويطمئنون إلى نجاحهم يعودون أدراجهم
سريعا،
ويزيد وزنهم لأكثر مما كانوا عليه، والسبب انتهاء الهدف، وتوقفهم عن
القلق حيال وزنهم، ووصولهم إلى نقطة الراحة.
في كرة القدم، الفرق التي تفوز في مباريات حساسة وهامة،
وتشحذ طاقتها
قبلها؛ كثيرا ما يُهزمون في المباراة التي تلي تلك
المباراة المصيرية؛ حتى
وإن كان المنافس ضعيفا، والسبب أنهم أحسوا
بتحقيق الهدف الكبير فارتاحوا
وهدءوا!.
المرأة التي تهتم بزينتها وقوامها وتحافظ على وزنها وشعرها،
تراها بعد
الزواج، وقد أهملت جزأ كبيرا من ذلك، والسبب اطمئنانها أن قد
تزوجت، وانتهى
ما كان يدعوها إلى المحافظة على كل هذه الأمور!.
والأمثلة كثيرة، وتستطيع أن تشاهدها
بنفسك، كلها تخبرك أن الشعور بالخطر
مفيد في كثير من الأحيان، والشعور
بالراحة والدعة مضرة في بعض الأوقات.
وأكرر أنه إذا أحببت التغلب على تلك المشكلة عليك أن تصنع
أهدافا
مستمرة، وأن تمتلك دائما دوافع إيجابية وحارة لبذل المزيد
والمزيد من
الجهد.
بقعة
ضوء: صدقني، السر في حصاد أعظم الثمار والحصول
على أعظم النعم من
الحياة هو أن تحيا دائماً في خطر...
فريدريك نيتشه
والسكينة.
نطاردها أينما كانت،
نرجوها أن تحط على وجداننا،
وبيوتنا، ومجتمعاتنا..
فالشعور بالأمان كان وسيظل حاجة بشرية أصيلة، وضعها النبي
صلى الله عليه
وسلم على قمة هرم الاحتياجات البشرية بقوله عليه السلام
"من أصبح منكم آمناً
في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما
حيزت له الدنيا
بأسرها"، ووضعتها كذلك مدارس علم النفس كركيزة هامة في
قاعدة هرم
الاحتياجات التي من دونها يفتقر المرء إلى عامل هام جدا من
عوامل العيش
الهانئ، وذهب "إبراهام ماسلو" في نظريته "مثلث الاحتياجات"
إلى أن الشعور
بالأمان هو ثاني أهم ما يحتاجه الإنسان في الحياة، بعد
الطعام والشراب؛ بيد
أن هناك شَرَكاً خفيا يقع فيه كثير ممن ينعمون بعد
مشقة، ويهنئون بعد طول
تعب وكفاح!!.
وذلك ميلهم للراحة والدعة والسكون، وهدوء جنانهم كلية،
وفقدهم إلى ما
يستفز لديهم الحماسة، ويحرك فيهم الدوافع.
كثير من البشر عندما يرتاح يتوقف عن
العمل،
والبذل والعطاء..
وكأن القلق والخطر والتوتر هو الحافز الذي يهزهم، ويدفعهم إلى
الخوف،
ومن ثم إلى العمل والإنجاز.
لقد فطن الأديب الروسي "دستويفسكي" إلى هذا الأمر؛ فلقد
أقلقه ذلك
الاطمئنان المالي الذي يأتيه كلما كتب قصة ناجحة؛ مما يجعل
عملية الإبداع
لديه غير متوهجة؛ فيجلس عاطلا عن الإبداع والكتابة إلى
أن ينتهي ما لديه،
ثم يضطره العوز والحاجة إلى الكتابة ثانية!
عاش دستوفيسكي معذبا بتلك الحالة من
الأمان التي تجتاحه..!
نعم..
لقد أهمه هذا الأمر، وبات يفكر في طريقة للتخلص من شعوره
بالاطمئنان
المادي؛ فلجأ إلى حيلة غريبة كي يعود إلى حالة الإبداع، وهي
ذهابه
المتكرر إلى الحانات فلا يبرحها إلا بعد تبديد كل ما يملك، كي يعود
إلى
بيته خاوي الوفاض من المال، مليئا بالحوافز والدوافع!!.
هي بلا شك حيلة سيئة خاسرة، تلك التي حاول
الأديب الروسي الكبير أن
يتغلب من خلالها على مشكلة الترهل والكسل
التي تأتيه حال الغنى؛ لكن الشاهد
هنا أن الشبع والكفاية يدفعان الواحد
كثيرا إلى مربع (الخمول).
ومن المعروف في عالم المبدعين والمفكرين وأصحاب الأعمال التي
تعتمد على
إعمال الذهن والتفكير، أنهم كثيرا ما يلجئون إلى الكسل ما لم
يتوفر دافع
مثير يستحثهم على الإبداع.
بل إن كثيراً من الأدباء والمفكرين؛ ممن عرفتهم يعملون
بنظرية البيت
الآيل للسقوط!..
فينتظرون على أعمالهم إلى أن تحين اللحظة الحاسمة، أو خط
الموت كما
يقولون، ويصبح أمر إنجاز العمل شيئا ضروريا، تماما كمن يجلس
في بيت آيل
للسقوط، لا يتحرك منه إلا إذا شعر به يئن ويهم بالسقوط فوق
رأسه فيقفز
مرعوبا، ويهب لينقذ ما يستطيع إنقاذه!.
وهذه وإن كانت عادة لكثير من المبدعين؛ إلا أنها جزء من
الطبيعة
الإنسانية، وحالة يعيشها معظم البشر.
ولعلك تسألني، وما الحل إذن في هذه المعضلة؟
وأجيبك بأن الحل يكمن في أن يوطن المرء
منا نفسه دائما كي يعود إلى
دائرة التوتر، وأعني هنا التوتر الإيجابي
الذي يؤرق المضجع، ويرهب النفس
فتهب للعمل والإنتاج.
وذلك يكون بتذكير النفس دائما بأن الخيل
الكسولة هي التي يتم استبعادها
من السباق؛ بينما ذو البطن الضامرة هي
التي يراهن عليها الجميع، وأن العقل
الشغوف بالعمل ومقارعة التحديات
مكانه دائما في الصفوف الأمامية.
كذلك من الأهمية أن يغير المرء بين وقت وآخر من نمط حياته،
وطريقة أدائه
لأعماله، وإدخال بعض التعديلات عليها، وفوق هذا خلق تحديا
جديدا يمكّنه من
زعزعه مشاعر الكسل والراحة لديه.
إن النجاح نعمة تستحق الشكر؛ لكنها إذا لم تدفعنا إلى المزيد
من النجاح
تصبح نقمة وبلاء.
النجاح الحقيقي هو الذي يدفعنا للصعود درجة أخرى إضافية نحو
الارتقاء.
نعم نحتفل
بنجاحاتنا، ونأخذ قدرا من الراحة والسعادة والاستمتاع؛ لكننا
يجب أن
نحذر فخ الطمأنينة الزائدة، والاستجابة إلى ما يدعونا إلى السكون
والتبلد.
علماء الإدارة شددوا على أن الواحد منا
يجب أن تكون لديه مجموعة أهداف
بعيدة المدى، وأن يقسمها إلى مرحل
وأجزاء، وقالوا بأن هذه الأهداف من
الأفضل أن تطال الحياة بأكملها، أي
أن تضع خططا وكأنك ستعيش مائة عام؛
فيكون لديك خطط كبيرة وعظيمة، ثم
تأخذ من هذه الأهداف الكبيرة، أهدافا
مرحلية وتعمد إلى تنفيذها؛ فما إن
ينتهي جزء إلا وتبدأ في الآخر، وهكذا.
إنه التحدي المستمر، الذي يجعلك دائما في حالة من العطاء،
ويخيفك من
السكون والهدوء.
دعني ألفت انتباهك بأمثلة تحدث كثيرا من حولنا، كي يقترب إليك
المعنى..
أشخاص كثيرون
حولنا ممن يقومون بعمل ريجيم أو حمية، نراهم بعد أن
يتخلصوا من
الكيلومترات التي تؤرقهم، ويطمئنون إلى نجاحهم يعودون أدراجهم
سريعا،
ويزيد وزنهم لأكثر مما كانوا عليه، والسبب انتهاء الهدف، وتوقفهم عن
القلق حيال وزنهم، ووصولهم إلى نقطة الراحة.
في كرة القدم، الفرق التي تفوز في مباريات حساسة وهامة،
وتشحذ طاقتها
قبلها؛ كثيرا ما يُهزمون في المباراة التي تلي تلك
المباراة المصيرية؛ حتى
وإن كان المنافس ضعيفا، والسبب أنهم أحسوا
بتحقيق الهدف الكبير فارتاحوا
وهدءوا!.
المرأة التي تهتم بزينتها وقوامها وتحافظ على وزنها وشعرها،
تراها بعد
الزواج، وقد أهملت جزأ كبيرا من ذلك، والسبب اطمئنانها أن قد
تزوجت، وانتهى
ما كان يدعوها إلى المحافظة على كل هذه الأمور!.
والأمثلة كثيرة، وتستطيع أن تشاهدها
بنفسك، كلها تخبرك أن الشعور بالخطر
مفيد في كثير من الأحيان، والشعور
بالراحة والدعة مضرة في بعض الأوقات.
وأكرر أنه إذا أحببت التغلب على تلك المشكلة عليك أن تصنع
أهدافا
مستمرة، وأن تمتلك دائما دوافع إيجابية وحارة لبذل المزيد
والمزيد من
الجهد.
بقعة
ضوء: صدقني، السر في حصاد أعظم الثمار والحصول
على أعظم النعم من
الحياة هو أن تحيا دائماً في خطر...
فريدريك نيتشه