الاستعارة في الحديث الشريف
وردت
الاستعارة كثيرا في كلام النبي وبدت وسيلة بيانية هامة في تجسيد الأفكار وتشخيصها، وإيضاح
المعاني
والتعبير عنها بشكل فني جمالي متميز. ولا عجب في ذلك فالنبي عليه
السلام
أفصح العرب، وأبلغ من نطق بالضاد، وحُق لمن كان منتدبا لبيان القرآن
الكريم وتفصيل مجمله وإيضاح موجزه ومشكله أن يكون بيانه في مستوى رفيع
يليق
ببيان القرآن الكريم وبلاغته الرفيعة المعجزة.
استعارات
في الحديث الشريف
قال في
دعاء: ولا تسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح
بيضتهم . رواه مسلم
والترمذي
هذه استعارة، والمراد بالبيضة
مجتمع أمته عليه السلام،
وشبه ذلك بالبيضة لاجتماعها وتلاحق أجزائها
واستناد ظاهرها إلى باطنها.
وفي
هذه الصورة إشارة إلى ما ينبغي
أن تكون عليه أمة المسلمين من اجتماع
واتفاق والتئام حتى لا يقدر العدو
على استباحتهم، وهذه استعارة تصريحية
أصلية
ـ وقال :
لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين
هذه استعارة تمثيلية
جاءت على شكل المثل،
وهو يضرب لمن لا يتعظ من خطئه الأول، ويكرر الفعل،
ويؤتى من المكان الذي
أتي منه أول مرة.
ـ وقال: إياكم
وخضراء الدمن
شبه المرأة
الحسناء في منبت السوء بالشجرة الخضراء
التي تنبت في المزبلة فتجيء خضرة
ناعمة ناضرة ولكن منبتها خبيث قذر
وفي
هذه الاستعارة التصريحية تحذير
للمسلم من أن يغتر بالمظهر وحده، وأن
يؤخذ بجمال المرأة من غير أن ينظر إلى
خلقها ودينها، إذ لا خير في ظاهر
حسن مع باطن خبيث. إنه كشجرة خضراء في
دمنة وهي مجتمع الأبعار
ـ
وقال: إن الإسلام بدأ غريبا
وسيعود غريبا
جعل عليه السلام غريبا في
أول أمره تشبيها له بالرجل
الغريب الذي قلّ أنصاره وأهوانه، وبعدت
دياره، لأن الإسلام كان على هذه
الصفة يف أول ظهوره، ثم استقرت قواعده.
ثم
قال :
وسيعود غريبا.. إلى مثل حاله الأولى في قلة العاملين به
والمناصرين له.
وهذه
استعارة مكنية شخص فيها الإسلام بكائن حي هو
الرجل الغريب في أول أمره
وآخره، بجامع انعدام النصير وضعف الحول
والطول.