الإعجاز العلمى فى النهى عن الإسراف فى الطعام
والشراب
و كلوا و اشربوا و لا تسرفوا
إنها القاعدة
الصحية العريضة التي قررها الله عز وجل حين قال في كتابه العزيز (يَا بَنِي
آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا
وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (لأعراف:31)
و
سنبين بعض أبعاد هذه القاعدة الكبيرة .
الغذاء في اعتبار القرآن
الغذاء
في اعتبار القرآن وسيلة لا غاية، فهو وسيلة ضرورية لابد منها لحياة
الإنسان، دعا إليها القرآن (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً )
[ البقرة: 168] و جعل الله في غريزة الإنسان ميلاً للطعام، وقضت حكمته أن
يرافق هذا الميل لذة لتمتع الإنسان بطعامه و لتنبيه العصارات الهاضمة و
أفعال الهضم، فليست اللذة و التمتع في الطعام و الشرب هي الغاية فالدين
يعيشون من أجل التلذذ بالطعام والشراب شبههم الله سبحانه بالأنعام وهي صفة
من صفحات الكافرين الحاحدين قال تعالى : ( و الذين كفروا يتمتعون و يأكلون
كما تأكل الأنعام و النار مثوى لهم ) [ محمد : 12] .
و من الوجهة
الغريزية فإن " الأصل في الأغذية أنها لبناء الجسم و تعويض ما يندثر من
أنسجته ولتقديم القدرة الكافية التي تستنفذ في الحفاظ على حرارة الجسم و في
قيام أجهزته بأعمالها ".
الاعتدال في الطعام و الشرب
الاعتدال
في أي أمر هو أسمى درجاته، و الاعتدال في أمر الطعام و الشرب هو المقصد
الذي ذهبت الآية الكريمة و كلوا وشربوا و لا تسرفوا ) ففي هذه الآية دعوة
للإنسان إلى الطعام والشرب، ثم يأتي التحذير مباشرة عن الإفراط في ذلك.
و
لقد كان الاعتدال واقعاً في حياة الرسول صلى عليه و سلم وحياة صحابته ،
فلم تقتصر توجيهات على عدم الإفراط في الطعام بل حذر أيضاً من التقتير فيه،
و منع أقواماً عن الصوم أياماً متتاليات دون إفطار.
على أن الدقة
في بيان الاعتدال في الطعام و الشرب تظهر جلية في حديث الرسول صلى الله
عليه وسلم حيث يقول : " ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه ، بحسب ابن آدم
لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لا بدَّ فاعلاً ، فثلث لطعامه ، و ثلث لشرابه و
ثلث لنفسه ".
الإسراف :
قبل أن نتكلم عن الإسراف نذكر بأن
احتياجات الإنسان الطبيعي من العناصر الغذائية الأساسية ( السكاكر ، و
الدسم ، و البروتينات ) ومن الفيتامينات والعناصر المعدنية تختلف حسب سنه
وجنسه و عمله و حالته الغريزية ، فالرجل الكهل مثلاً يحتاج ل( 20 ـ 26 ) غ
من البروتينات ، 100 غ من السكر كحد أدنى ولكمية من الدسم بحيث تؤمن 20% من
طاقته اليومية ، و لكميات محدودة من الفيتامينات و المعادن، لا مجال
لذكرها هنا والإسراف إما أن يكون بالتهام كمية كبيرة من الطعام فوق حاجة
الإنسان : أو بازدراد الطعام دون مضغة جيداً و يسمى ذلك بالشره، و سبب
الشره نفسي غالباً، و يكون إما كظاهرة للحرمان أو التدليل، أو يسبب الملل
كما هو عند بعض الأطفال، أو يسبب التعليق باللذة أو يسبب التقليد، وقد يكون
سبب الشره غريزي كما في الحامل أو مرضي .
مضار الشره :
آ ـ
على جهاز الهضم : التخمة، و عسر الهضم، و توسع المعدة، و هي حالات تسبب
للشخص شعوراً مزعجاً .
ب ـ إن التهام وجبة كبيرة من الطعام قد تؤدي
إلى :
1 ـ هجمة خناق صدر وخاصة إذا كانت الوجبة دسمة، وهي حالة من
الألم الشديد خلف القص يمتد للكتف و الذراع الأيسر والفك السفلي بسبب نقص
التروية القلبية، تظهر هذه الحالة عادةً عند المصابين بأمراض الأوعية
القلبية إثر الجهد، فالوجبة الغذائية الكبيرة تشكل على القلب عبئا يماثل
العبء الناتج عن الجهد العنيف .
2 ـ التهام كمية كبيرة من الطعام
تعرض الإنسان للإصابة ببعض الجراثيم، كضمات الكوليرا و عصيات الحمى التيفية
، و الأطوار الاغتذائية للاميبا و ذلك لعدم تعرض كامل الطعام لحموضة
المعدة و للهضم المبدئي في المعدة حيث أن حموضة المعدة هي المسئولة عادة عن
القضاء على مثل هذه الجراثيم .
3 ـ توسع المعدة الحاد، وهي حالة
خطيرة قد تؤدي للوفاة إذا لم تعالج .
4 ـ إنفتال المعدة ، و هي
إصابة خطيرة و نادرة تحدث بسبب حركة حويّة معاكسة للأمعاء بعد امتلاء
المعدة الزائد بالطعام .
5 ـ المعدة الممتلئة بالطعام أكثر عرضةً
للتمزق إذا تعرضت لرض خارجي من المعدة الفارغة ، و قد يتعرض المرء للموت
بالنهي القلبي إذا تعرض لضرب على منطقة" فوق المعدة ".
ج ـ الشره
ضار بالنفس و الفكر : فكثرة الأكل تؤدي إلى همود في النفس، وبلادة في
التفكير ، و ميلٍ إلى النوم ، قال لقمان الحكيم " يا بني ، إذا امتلأت
المعدة ، نامت الفكرة ، وخرست الحكمة ، و قعدت الأعضاء عن العبادة " كما أن
الشره يزيد الشهوة الجنسية ، و كنا نرى عموماً أن الشره يغير من نفسية
الإنسان فيجعلها أقرب إلى نفسية الحيوان رغماً عنه .
مضار الإسراف
بنوع من الأطعمة :
1 ـ السُمنة : و هو المرض الخطير الذي نجده
غالباً في أبناء الطبقات الغنية و عند أصحاب الوظائف الكسولة ، و يحصل
نتيجة الإكثار من الطعام ، و خاصة السكاكر و الدهون وبشكل خاص عند الأفراد
الذين لديهم استعداد إرثي .
و السمنة في الواقع مرضٌ بشع يحد من
إمكانيات الفرد و نشاطاته بشكل كبير، كما يؤهب أو يشارك بعض الأمراض
الخطيرة ، كإحتشاء العضلة القلبية ، وخناق الصدر ، و الداء السكري، و فرط
توتر الدم و تصلب الشرايين ، و كل هذه الأمراض هي اليوم شديدة الشيوع في
المجتمعات التي مالت إلى رفاهية الطعام و الشرب .
2 ـ نخر الأسنان :
و هو أيضاً من الأمراض الشائعة بسبب الإكثار من تناول السكاكر الاصطناعية
خاصة التي تسمح بتخميرها للعصيات اللبنية بالنمو في جوف الفم .
3 ـ
الحصيات الكلوية : و هي أكثر حدوثاً عن الذين يعتمدون بشكل رئيسي على
تناول اللحوم و الحليب و الجبن .
4 ـ تصلب الشرايين : و هو داء
خطير يشاهد بشكل ملحوظ عند الذين يتناولون كميات كبيرة من الدسم ، حيث
يصابون بفرط تدسم الدم .
5 ـ النقرس " داء الملوك ": و هو ألم مفصلي
يأتي بشكل هجمات عنيفة و خاصة في مفاصل القدم و الإبهام و يشاهد أكثر عند
اللذين يتناولون كمياتٍ كبيرة من اللحوم .
و يجب أن لا ننسى أن
نسبةً كبيرة من شعوب البلاد المتخلفة لا يحصلون على راتبهم الغذائي وأنهم
مصابون بواحد أو أكثر من أمراض سوء التغذية ، و خاصة الأطفال ، إذ تشير
التقديرات العالمية أن سوء التغذية يشكل السبب الأول غير المباشر للوفيات
عند الأطفال .
و سنرى فيما يأتي من البحث أن القرآن الكريم عندما
أشار إلى الطيب من الطعام، و حرم الخبيث منه , قد سهل على الإنسان الحصول
على ما يلزمه من حاجات الغذاء دون نقص، كما جعله في حماية من أمراض الخبائث
و ما ينتج عنها من ويلات تعاني منها البشر اليوم أشد العذاب، وهي تقف على
أعلى مستوى من العلم و التقدم التكنولوجي .
المصدر : مع الطب في
القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب و الدكتور احمد قرقوز
والشراب
و كلوا و اشربوا و لا تسرفوا
إنها القاعدة
الصحية العريضة التي قررها الله عز وجل حين قال في كتابه العزيز (يَا بَنِي
آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا
وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (لأعراف:31)
و
سنبين بعض أبعاد هذه القاعدة الكبيرة .
الغذاء في اعتبار القرآن
الغذاء
في اعتبار القرآن وسيلة لا غاية، فهو وسيلة ضرورية لابد منها لحياة
الإنسان، دعا إليها القرآن (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً )
[ البقرة: 168] و جعل الله في غريزة الإنسان ميلاً للطعام، وقضت حكمته أن
يرافق هذا الميل لذة لتمتع الإنسان بطعامه و لتنبيه العصارات الهاضمة و
أفعال الهضم، فليست اللذة و التمتع في الطعام و الشرب هي الغاية فالدين
يعيشون من أجل التلذذ بالطعام والشراب شبههم الله سبحانه بالأنعام وهي صفة
من صفحات الكافرين الحاحدين قال تعالى : ( و الذين كفروا يتمتعون و يأكلون
كما تأكل الأنعام و النار مثوى لهم ) [ محمد : 12] .
و من الوجهة
الغريزية فإن " الأصل في الأغذية أنها لبناء الجسم و تعويض ما يندثر من
أنسجته ولتقديم القدرة الكافية التي تستنفذ في الحفاظ على حرارة الجسم و في
قيام أجهزته بأعمالها ".
الاعتدال في الطعام و الشرب
الاعتدال
في أي أمر هو أسمى درجاته، و الاعتدال في أمر الطعام و الشرب هو المقصد
الذي ذهبت الآية الكريمة و كلوا وشربوا و لا تسرفوا ) ففي هذه الآية دعوة
للإنسان إلى الطعام والشرب، ثم يأتي التحذير مباشرة عن الإفراط في ذلك.
و
لقد كان الاعتدال واقعاً في حياة الرسول صلى عليه و سلم وحياة صحابته ،
فلم تقتصر توجيهات على عدم الإفراط في الطعام بل حذر أيضاً من التقتير فيه،
و منع أقواماً عن الصوم أياماً متتاليات دون إفطار.
على أن الدقة
في بيان الاعتدال في الطعام و الشرب تظهر جلية في حديث الرسول صلى الله
عليه وسلم حيث يقول : " ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه ، بحسب ابن آدم
لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لا بدَّ فاعلاً ، فثلث لطعامه ، و ثلث لشرابه و
ثلث لنفسه ".
الإسراف :
قبل أن نتكلم عن الإسراف نذكر بأن
احتياجات الإنسان الطبيعي من العناصر الغذائية الأساسية ( السكاكر ، و
الدسم ، و البروتينات ) ومن الفيتامينات والعناصر المعدنية تختلف حسب سنه
وجنسه و عمله و حالته الغريزية ، فالرجل الكهل مثلاً يحتاج ل( 20 ـ 26 ) غ
من البروتينات ، 100 غ من السكر كحد أدنى ولكمية من الدسم بحيث تؤمن 20% من
طاقته اليومية ، و لكميات محدودة من الفيتامينات و المعادن، لا مجال
لذكرها هنا والإسراف إما أن يكون بالتهام كمية كبيرة من الطعام فوق حاجة
الإنسان : أو بازدراد الطعام دون مضغة جيداً و يسمى ذلك بالشره، و سبب
الشره نفسي غالباً، و يكون إما كظاهرة للحرمان أو التدليل، أو يسبب الملل
كما هو عند بعض الأطفال، أو يسبب التعليق باللذة أو يسبب التقليد، وقد يكون
سبب الشره غريزي كما في الحامل أو مرضي .
مضار الشره :
آ ـ
على جهاز الهضم : التخمة، و عسر الهضم، و توسع المعدة، و هي حالات تسبب
للشخص شعوراً مزعجاً .
ب ـ إن التهام وجبة كبيرة من الطعام قد تؤدي
إلى :
1 ـ هجمة خناق صدر وخاصة إذا كانت الوجبة دسمة، وهي حالة من
الألم الشديد خلف القص يمتد للكتف و الذراع الأيسر والفك السفلي بسبب نقص
التروية القلبية، تظهر هذه الحالة عادةً عند المصابين بأمراض الأوعية
القلبية إثر الجهد، فالوجبة الغذائية الكبيرة تشكل على القلب عبئا يماثل
العبء الناتج عن الجهد العنيف .
2 ـ التهام كمية كبيرة من الطعام
تعرض الإنسان للإصابة ببعض الجراثيم، كضمات الكوليرا و عصيات الحمى التيفية
، و الأطوار الاغتذائية للاميبا و ذلك لعدم تعرض كامل الطعام لحموضة
المعدة و للهضم المبدئي في المعدة حيث أن حموضة المعدة هي المسئولة عادة عن
القضاء على مثل هذه الجراثيم .
3 ـ توسع المعدة الحاد، وهي حالة
خطيرة قد تؤدي للوفاة إذا لم تعالج .
4 ـ إنفتال المعدة ، و هي
إصابة خطيرة و نادرة تحدث بسبب حركة حويّة معاكسة للأمعاء بعد امتلاء
المعدة الزائد بالطعام .
5 ـ المعدة الممتلئة بالطعام أكثر عرضةً
للتمزق إذا تعرضت لرض خارجي من المعدة الفارغة ، و قد يتعرض المرء للموت
بالنهي القلبي إذا تعرض لضرب على منطقة" فوق المعدة ".
ج ـ الشره
ضار بالنفس و الفكر : فكثرة الأكل تؤدي إلى همود في النفس، وبلادة في
التفكير ، و ميلٍ إلى النوم ، قال لقمان الحكيم " يا بني ، إذا امتلأت
المعدة ، نامت الفكرة ، وخرست الحكمة ، و قعدت الأعضاء عن العبادة " كما أن
الشره يزيد الشهوة الجنسية ، و كنا نرى عموماً أن الشره يغير من نفسية
الإنسان فيجعلها أقرب إلى نفسية الحيوان رغماً عنه .
مضار الإسراف
بنوع من الأطعمة :
1 ـ السُمنة : و هو المرض الخطير الذي نجده
غالباً في أبناء الطبقات الغنية و عند أصحاب الوظائف الكسولة ، و يحصل
نتيجة الإكثار من الطعام ، و خاصة السكاكر و الدهون وبشكل خاص عند الأفراد
الذين لديهم استعداد إرثي .
و السمنة في الواقع مرضٌ بشع يحد من
إمكانيات الفرد و نشاطاته بشكل كبير، كما يؤهب أو يشارك بعض الأمراض
الخطيرة ، كإحتشاء العضلة القلبية ، وخناق الصدر ، و الداء السكري، و فرط
توتر الدم و تصلب الشرايين ، و كل هذه الأمراض هي اليوم شديدة الشيوع في
المجتمعات التي مالت إلى رفاهية الطعام و الشرب .
2 ـ نخر الأسنان :
و هو أيضاً من الأمراض الشائعة بسبب الإكثار من تناول السكاكر الاصطناعية
خاصة التي تسمح بتخميرها للعصيات اللبنية بالنمو في جوف الفم .
3 ـ
الحصيات الكلوية : و هي أكثر حدوثاً عن الذين يعتمدون بشكل رئيسي على
تناول اللحوم و الحليب و الجبن .
4 ـ تصلب الشرايين : و هو داء
خطير يشاهد بشكل ملحوظ عند الذين يتناولون كميات كبيرة من الدسم ، حيث
يصابون بفرط تدسم الدم .
5 ـ النقرس " داء الملوك ": و هو ألم مفصلي
يأتي بشكل هجمات عنيفة و خاصة في مفاصل القدم و الإبهام و يشاهد أكثر عند
اللذين يتناولون كمياتٍ كبيرة من اللحوم .
و يجب أن لا ننسى أن
نسبةً كبيرة من شعوب البلاد المتخلفة لا يحصلون على راتبهم الغذائي وأنهم
مصابون بواحد أو أكثر من أمراض سوء التغذية ، و خاصة الأطفال ، إذ تشير
التقديرات العالمية أن سوء التغذية يشكل السبب الأول غير المباشر للوفيات
عند الأطفال .
و سنرى فيما يأتي من البحث أن القرآن الكريم عندما
أشار إلى الطيب من الطعام، و حرم الخبيث منه , قد سهل على الإنسان الحصول
على ما يلزمه من حاجات الغذاء دون نقص، كما جعله في حماية من أمراض الخبائث
و ما ينتج عنها من ويلات تعاني منها البشر اليوم أشد العذاب، وهي تقف على
أعلى مستوى من العلم و التقدم التكنولوجي .
المصدر : مع الطب في
القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب و الدكتور احمد قرقوز