[size=16][size=16][size=25]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال:
هل يجوز أن أشتم أحدا ، ولكن أشتم في قلبي وفي السر ، لا أحد يعلم أني
شتمت فلانا ، مثلا أن أقول في نفسي يا فلان يا ... لماذا فعلت بي كذا . وهل
أنا آثم ؟
الجواب
: الحمد لله
السب والشتم إما أن يكون بوجه حق ، أو بغير وجه حق :
أولا :
إن كان بحق :
كأن يقع على المسلم ظُلمٌ ظاهر ، وأذى بالغ لا يمتري فيه أحد : فليس على
مَن دفع عن نفسه الظلم والعدوان بالسب والشتم مِن حرج ، سرا كان الشتم أو
جهرا ، من غير اعتداء ولا تجاوز ، وإن كان الأولى والأفضل ألا يفعل ذلك .
يقول الله تعالى :
(
لَاْ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ
ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيْعًا عَلِيْمًا ) النساء/148
يقول السعدي رحمه الله :
" يخبر تعالى أنه لا يحب الجهر بالسوء من القول ، أي :
يبغض ذلك ، ويمقته ، ويعاقب عليه ، ويشمل ذلك جميع الأقوال السيئة التي
تسوء وتحزن : كالشتم ، والقذف ، والسب ونحو ذلك ، فإن ذلك كله من المنهي
عنه الذي يبغضه الله .
ويدل مفهومها
أنه يحب الحسن من القول : كالذكر ، والكلام الطيب الليِّن .
وقوله : ( إِلا مَن ظُلِمَ ) أي : فإنه يجوز له أن يدعو
على من ظلمه ويتشكى منه ، ويجهر بالسوء لمن جهر له به ، من غير أن يكذب
عليه ، ولا يزيد على مظلمته ، ولا يتعدى بشتمه غير ظالمه ، ومع ذلك فعفوه
وعدم مقابلته أولى ، كما قال تعالى : ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ
عَلَى اللَّهِ )" انتهى.
" تيسير
الكريم الرحمن " (ص/212) .
وقال تعالى :
( وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلئِكَ مَا
عَلَيْهِم مِّن سَبِيْلٍ ، إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَىْ الّذِيْنَ
يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِيْ الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ ،
أُوْلئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ) الشورى/ 41-42
وعن أبي هريرة رضي الله عنهم أنّ رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال :
(الْمُسْْتَبّانِ :
مَا قَالَاْ فَعَلَىْ البَادِئِ مِنْهُمَا ، مَا لَمْ يَعْتَدِ المَظْلُومُ
) رواه مسلم (2587)
وخير ما دعا به
المظلوم على الظالم ، هو ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جابرٍ رضي
الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( الَّلهُمّ
أَصْلِحْ لِيْ سَمْعِي وَبَصَرِيْ ، وَاجْعَلْهُمَا الوَارِثَيْنِ مِنّي ،
وَانصُرنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي ، وَأَرِنِي مِنْهُ ثَأْرِي )
رواه البخاري في الأدب المفرد (1/226) ، وصححه الألباني
، وانظر الدعاء للطبراني (1/421 ، 426)
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله :
" إذا سب إنسانٌ إنسانا جاز للمسبوب أن يسب الساب بقدر
ما سبه ، لقوله تعالى : ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) ، ولا يجوز أن يسب أباه
ولا أمه ، وروي أن زينب لما سبت عائشة قال لها النبي صلى الله عليه وسلم –
كما في سنن ابن ماجة وصححه الألباني - : ( دونك فانتصري ) فأقبلت عليها حتى
يبس ريقها في فيها ، فتهلل وجه النبي صلى الله عليه وسلم . وإنما يجوز
السب بما ليس كذبا ولا قذفا ، كقوله : يا ظالم ، يا أحمق ، لأن أحدا لا
يكاد ينفك عن ذلك ، وإذا انتصر بسبه فقد استوفى ظلامته ، وبرئ الأول من حقه
، وبقي عليه إثم الابتداء ، أو الإثم لحق الله تعالى " انتهى.
" مغني المحتاج " (4/157)
والأولى
والأكمل والأفضل هو العفو والصفح والتجاوز ، لعل الله أن يتجاوز عنا يوم
القيامة ، فالجزاء من جنس العمل .
يقول
الله عز وجل :
( وَجَزَاء سَيِّئَةٍ
سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ
إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) الشورى/40
وقال صلى الله عليه وسلم :
( يَا عُقبَةَ بنَ عَامِر : صِلْ مَنْ قَطَعَكَ ،
وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ ، وَاعْفُ عَمَّن ظَلَمَكَ )
رواه أحمد (4/158) وصححه الألباني (السلسلة الصحيحة/891)
وعنْ عائشة رضي الله عنْها قالت :
( سُرِقَتْ مِلْحفةٌ لَهَا ، فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى
مَن سَرَقَهَا ، فَجَعَلَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يقولُ : لَاْ
تُسَبِّخِي عَنْهُ ) قال أبو داود : لا تسبخي : أي : لا تخففي عنه .
رواه أبو داود برقم (1497 ) وصححه الألباني في (صحيح
الترغيب/2468)
كما جاء من الآثار عن
التابعين ما يدلّ على فضيلة العفو والصفح في الدنيا :
قال الهيثم بن معاوية :
" من ظُلِمَ فلمْ ينتصرْ بيدٍ ولا لسانٍ ، ولم يحقدْ
بقلبٍ ، فذاك يضيء نوره في الناس " انتهى.
رواه البيهقي في شعب الإيمان (6/264)
ثانيا
:
أما إن وقع السب والشتم بغير وجه حق
، وإنما كرها شخصيا أو بغضا يدفع إليه الحسد ، أو استقباح الهيئة أو النسب
أو التصرف أو غير ذلك مما يقع بسببه الناسُ في السب والشتم : فذلك من
المحرمات الظاهرة ، ومن سقطات اللسان التي تأكل الحسنات ، وتأتي بالسيئات ،
سواء كان في السر أو في العلن .
عن عبد
الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ )
رواه البخاري (رقم/48)، ومسلم (64)
وعنه
أيضا رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ
وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ )
رواه
الترمذي (1977) وقال : حسن غريب . وصححه الألباني في صحيح الترمذي
يقول المباركفوري رحمه الله :
" قوله : ( ليس المؤمن ) أي : الكامل .
( بالطعان ) أي : عيَّاباً الناس .
( ولا اللعان ) ولعل اختيار صيغة المبالغة فيها لأن
الكامل قل أن يخلو عن المنقصة بالكلية .
( ولا الفاحش ) أي : فاعل الفحش أو قائله . وفي "
النهاية " : أي : من له الفحش في كلامه وفعاله ، قيل : أي : الشاتم ،
والظاهر أن المراد به الشتم القبيح الذي يقبح ذكره .
( ولا البذيء ) قال القاري : هو الذي لا حياء له ."
انتهى باختصار.
" تحفة الأحوذي "
(6/111)
ثالثا :
فإذا وقع السب في القلب كحديث نفس ، ولم يقصده صاحبه ،
ولم ينطق به ، إنما هي بعض الوساوس التي تراوده في شتم فلان وعلان ، ولكنه
لا يمتثل لها ولا يعقد العزم عليها ، فتلك أحاديث نفس وخواطر معفو عنها
بإذن الله ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ
عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ
تَتَكَلَّمْ ) .
رواه البخاري ( 4968 )
ومسلم ( 127 ) .
على أنه يُخْشى من
إضمار ذلك : أن يتحرك القلب بما استقر فيه ، رغبة فيه ، وحرصا عليه ، ومحبة
له ، وهذا من أعمال القلب التي يؤاخذ العبد بمثلها .
قال القاسمي رحمه الله :
" وأما أثره ـ أي : الغضب ـ في القلب : فالحقد والحسد ،
وإضمار السوء ، والشماتة بالمساءات ، والحزن بالسرور ، والعزم على إفشاء
السر ، وهتك الستر ، والاستهزاء ، وغير ذلك من القبائح ؛ فهذه ثمرة الغضب
المفرط " انتهى من "تهذيب موعظة المؤمنين" (312) .
وقال الغزالي رحمه الله :
" اعلم أن سوء الظن حرام مثل سوء القول ؛ فكما يحرم عليك
أن تحدث غيرك بلسانك بمساويء الغير ، فليس لك أن تحدث نفسك وتسيء الظن
بأخيك . ولست أعني به إلا عقد القلب وحكمه على غيره بالسوء ، فأما الخواطر
وحديث النفس فهو معفو عنه ... ، والظن عبارة عما تركن إليه النفس ، ويميل
إليه القلب " . انتهى .
"إحياء علوم
الدين" (3/150) ، وانظر : الأذكار للنووي (344) .
والله أعلم .
السؤال:
هل يجوز أن أشتم أحدا ، ولكن أشتم في قلبي وفي السر ، لا أحد يعلم أني
شتمت فلانا ، مثلا أن أقول في نفسي يا فلان يا ... لماذا فعلت بي كذا . وهل
أنا آثم ؟
الجواب
: الحمد لله
السب والشتم إما أن يكون بوجه حق ، أو بغير وجه حق :
أولا :
إن كان بحق :
كأن يقع على المسلم ظُلمٌ ظاهر ، وأذى بالغ لا يمتري فيه أحد : فليس على
مَن دفع عن نفسه الظلم والعدوان بالسب والشتم مِن حرج ، سرا كان الشتم أو
جهرا ، من غير اعتداء ولا تجاوز ، وإن كان الأولى والأفضل ألا يفعل ذلك .
يقول الله تعالى :
(
لَاْ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ
ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيْعًا عَلِيْمًا ) النساء/148
يقول السعدي رحمه الله :
" يخبر تعالى أنه لا يحب الجهر بالسوء من القول ، أي :
يبغض ذلك ، ويمقته ، ويعاقب عليه ، ويشمل ذلك جميع الأقوال السيئة التي
تسوء وتحزن : كالشتم ، والقذف ، والسب ونحو ذلك ، فإن ذلك كله من المنهي
عنه الذي يبغضه الله .
ويدل مفهومها
أنه يحب الحسن من القول : كالذكر ، والكلام الطيب الليِّن .
وقوله : ( إِلا مَن ظُلِمَ ) أي : فإنه يجوز له أن يدعو
على من ظلمه ويتشكى منه ، ويجهر بالسوء لمن جهر له به ، من غير أن يكذب
عليه ، ولا يزيد على مظلمته ، ولا يتعدى بشتمه غير ظالمه ، ومع ذلك فعفوه
وعدم مقابلته أولى ، كما قال تعالى : ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ
عَلَى اللَّهِ )" انتهى.
" تيسير
الكريم الرحمن " (ص/212) .
وقال تعالى :
( وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلئِكَ مَا
عَلَيْهِم مِّن سَبِيْلٍ ، إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَىْ الّذِيْنَ
يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِيْ الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ ،
أُوْلئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ) الشورى/ 41-42
وعن أبي هريرة رضي الله عنهم أنّ رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال :
(الْمُسْْتَبّانِ :
مَا قَالَاْ فَعَلَىْ البَادِئِ مِنْهُمَا ، مَا لَمْ يَعْتَدِ المَظْلُومُ
) رواه مسلم (2587)
وخير ما دعا به
المظلوم على الظالم ، هو ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جابرٍ رضي
الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( الَّلهُمّ
أَصْلِحْ لِيْ سَمْعِي وَبَصَرِيْ ، وَاجْعَلْهُمَا الوَارِثَيْنِ مِنّي ،
وَانصُرنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي ، وَأَرِنِي مِنْهُ ثَأْرِي )
رواه البخاري في الأدب المفرد (1/226) ، وصححه الألباني
، وانظر الدعاء للطبراني (1/421 ، 426)
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله :
" إذا سب إنسانٌ إنسانا جاز للمسبوب أن يسب الساب بقدر
ما سبه ، لقوله تعالى : ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) ، ولا يجوز أن يسب أباه
ولا أمه ، وروي أن زينب لما سبت عائشة قال لها النبي صلى الله عليه وسلم –
كما في سنن ابن ماجة وصححه الألباني - : ( دونك فانتصري ) فأقبلت عليها حتى
يبس ريقها في فيها ، فتهلل وجه النبي صلى الله عليه وسلم . وإنما يجوز
السب بما ليس كذبا ولا قذفا ، كقوله : يا ظالم ، يا أحمق ، لأن أحدا لا
يكاد ينفك عن ذلك ، وإذا انتصر بسبه فقد استوفى ظلامته ، وبرئ الأول من حقه
، وبقي عليه إثم الابتداء ، أو الإثم لحق الله تعالى " انتهى.
" مغني المحتاج " (4/157)
والأولى
والأكمل والأفضل هو العفو والصفح والتجاوز ، لعل الله أن يتجاوز عنا يوم
القيامة ، فالجزاء من جنس العمل .
يقول
الله عز وجل :
( وَجَزَاء سَيِّئَةٍ
سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ
إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) الشورى/40
وقال صلى الله عليه وسلم :
( يَا عُقبَةَ بنَ عَامِر : صِلْ مَنْ قَطَعَكَ ،
وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ ، وَاعْفُ عَمَّن ظَلَمَكَ )
رواه أحمد (4/158) وصححه الألباني (السلسلة الصحيحة/891)
وعنْ عائشة رضي الله عنْها قالت :
( سُرِقَتْ مِلْحفةٌ لَهَا ، فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى
مَن سَرَقَهَا ، فَجَعَلَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يقولُ : لَاْ
تُسَبِّخِي عَنْهُ ) قال أبو داود : لا تسبخي : أي : لا تخففي عنه .
رواه أبو داود برقم (1497 ) وصححه الألباني في (صحيح
الترغيب/2468)
كما جاء من الآثار عن
التابعين ما يدلّ على فضيلة العفو والصفح في الدنيا :
قال الهيثم بن معاوية :
" من ظُلِمَ فلمْ ينتصرْ بيدٍ ولا لسانٍ ، ولم يحقدْ
بقلبٍ ، فذاك يضيء نوره في الناس " انتهى.
رواه البيهقي في شعب الإيمان (6/264)
ثانيا
:
أما إن وقع السب والشتم بغير وجه حق
، وإنما كرها شخصيا أو بغضا يدفع إليه الحسد ، أو استقباح الهيئة أو النسب
أو التصرف أو غير ذلك مما يقع بسببه الناسُ في السب والشتم : فذلك من
المحرمات الظاهرة ، ومن سقطات اللسان التي تأكل الحسنات ، وتأتي بالسيئات ،
سواء كان في السر أو في العلن .
عن عبد
الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ )
رواه البخاري (رقم/48)، ومسلم (64)
وعنه
أيضا رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ
وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ )
رواه
الترمذي (1977) وقال : حسن غريب . وصححه الألباني في صحيح الترمذي
يقول المباركفوري رحمه الله :
" قوله : ( ليس المؤمن ) أي : الكامل .
( بالطعان ) أي : عيَّاباً الناس .
( ولا اللعان ) ولعل اختيار صيغة المبالغة فيها لأن
الكامل قل أن يخلو عن المنقصة بالكلية .
( ولا الفاحش ) أي : فاعل الفحش أو قائله . وفي "
النهاية " : أي : من له الفحش في كلامه وفعاله ، قيل : أي : الشاتم ،
والظاهر أن المراد به الشتم القبيح الذي يقبح ذكره .
( ولا البذيء ) قال القاري : هو الذي لا حياء له ."
انتهى باختصار.
" تحفة الأحوذي "
(6/111)
ثالثا :
فإذا وقع السب في القلب كحديث نفس ، ولم يقصده صاحبه ،
ولم ينطق به ، إنما هي بعض الوساوس التي تراوده في شتم فلان وعلان ، ولكنه
لا يمتثل لها ولا يعقد العزم عليها ، فتلك أحاديث نفس وخواطر معفو عنها
بإذن الله ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ
عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ
تَتَكَلَّمْ ) .
رواه البخاري ( 4968 )
ومسلم ( 127 ) .
على أنه يُخْشى من
إضمار ذلك : أن يتحرك القلب بما استقر فيه ، رغبة فيه ، وحرصا عليه ، ومحبة
له ، وهذا من أعمال القلب التي يؤاخذ العبد بمثلها .
قال القاسمي رحمه الله :
" وأما أثره ـ أي : الغضب ـ في القلب : فالحقد والحسد ،
وإضمار السوء ، والشماتة بالمساءات ، والحزن بالسرور ، والعزم على إفشاء
السر ، وهتك الستر ، والاستهزاء ، وغير ذلك من القبائح ؛ فهذه ثمرة الغضب
المفرط " انتهى من "تهذيب موعظة المؤمنين" (312) .
وقال الغزالي رحمه الله :
" اعلم أن سوء الظن حرام مثل سوء القول ؛ فكما يحرم عليك
أن تحدث غيرك بلسانك بمساويء الغير ، فليس لك أن تحدث نفسك وتسيء الظن
بأخيك . ولست أعني به إلا عقد القلب وحكمه على غيره بالسوء ، فأما الخواطر
وحديث النفس فهو معفو عنه ... ، والظن عبارة عما تركن إليه النفس ، ويميل
إليه القلب " . انتهى .
"إحياء علوم
الدين" (3/150) ، وانظر : الأذكار للنووي (344) .
والله أعلم .