" إذهب فوار أباك ( الخطاب لعلي بن أبي طالب ) قال ( لا أواريه ) ، ( إنه مات
مشركا ) ، ( فقال : اذهب فواره ) ثم لا تحدثن حتى تأتيني ، فذهبت فواريته ،
و جئته ( و علي أثر التراب و الغبار ) فأمرني فاغتسلت ، و دعا لي ( بدعوات ما
يسرني أن لي بهن ما على الأرض من شيء ) " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 253 :
أبو داود ( 3124 ) و النسائي ( 1 / 282 - 283 ) و ابن سعد في " الطبقات "
( 1 / 123 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 4 / 95 و 142 - طبع الهند ) و ابن
الجارود في " المنتقى " ( ص 269 ) و الطيالسي ( 120 ) و البيهقي ( 3 / 398 )
و أحمد ( 1 / 97 و 131 ) و أبو محمد الخلدي في جزء من " فوائده " ( ق 47 / 1 )
من طرق عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب عن علي قال :
" قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : إن عمك الشيخ الضال قد مات " فمن يواريه ؟ "
قال : " فذكره .
قلت : و هذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ناجية ابن كعب و هو ثقة
كما في " التقريب " </SPAN> </SPAN>" .
من فوائد الحديث
</SPAN>
1 - أنه يشرع للمسلم أن يتولى دفن قريبه المشرك و أن ذلك لا ينافي بغضه إياه
لشركه ، ألا ترى أن عليا رضي الله عنه امتنع أول الأمر من مواراة أبيه معللا
ذلك بقوله : " إنه مات مشركا " ظنا منه أن دفنه مع هذه الحالة قد يدخله في
التولي الممنوع في مثل قوله تعالى : " لا تتولوا قوما غضب الله عليهم " فلما
أعاد صلى الله عليه وسلم الأمر بمواراته بادر لامتثاله ، و ترك ما بدا له أول
الأمر . و كذلك تكون الطاعة : أن يترك المرء رأيه لأمر نبيه صلى الله عليه وسلم
و يبدو لي أن دفن الولد لأبيه المشرك أو أمه هو آخر ما يملكه الولد من حسن صحبة
الوالد المشرك في الدنيا ، و أما بعد الدفن فليس له أن يدعو له أو يستغفر له
لصريح قوله تعالى ( ما كان للنبي و الذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين و لو
كانوا أولي قربى ) ، و إذا كان الأمر كذلك ، فما حال من يدعو بالرحمة و المغفرة
على صفحات الجرائد و المجلات لبعض الكفار في إعلانات الوفيات من أجل دريهمات
معدودات ! فليتق الله من كان يهمه أمر آخرته .
2 - أنه لا يشرع له غسل الكافر و لا تكفينه و لا الصلاة عليه و لو كان قريبه
لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بذلك عليا ، و لو كان ذلك جائزا لبينه
صلى الله عليه وسلم ، لما تقرر أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز . و هذا
مذهب الحنابلة و غيرهم .
3 - أنه لا يشرع لأقارب المشرك أن يتبعوا جنازته لأن النبي صلى الله عليه وسلم
لم يفعل ذلك مع عمه و قد كان أبر الناس به و أشفقهم عليه حتى إنه دعى الله له
حتى جعل عذابه أخف عذاب في النار </SPAN> </SPAN>، و في
ذلك كله عبرة لمن يغترون بأنسابهم ، و لا يعملون لآخرتهم عند ربهم ، و صدق الله
العظيم إذ يقول : ( فلا أنساب بينهم يومئذ و لا يتساءلون )</SPAN>