يتعرض الأطفال لبعض الأخطار أثناء نموهم واكتسابهم لخبراتهم بالحياة..
فالطفل
في عامه الثاني يكون أكثر قدرة على مقاومة الأمراض وعلى تحمل تغيرات درجة
حرارة الجو، سواء البرد أو الحر، أي أنه بدأ يتعايش مع البيئة، وبالتالي
فالأخطار التي تهدده ليست جراثيم وميكروبات بالدرجة الأولى ولكن الخطر
الكبير الذي يتهدده هو ما حييط به في منزل الأسرة وما تتصوره الأم أشياء
عادية ناسية أن طفلها في هذه السن تقوم حياته على اكتشاف الأشياء
والأدوات، محاولة: فكه ومعرفة كيف يعمل ووضعه في فمه لتذوق طعمه، وتقريبه
من عينه أو يضعه في أذنه وأنفه..
ولنضرب بعض الأمثال:
*
يجد الطفل أمامه عقدًا لأمه أو مسبحة أبيه أو طبقًا به فول أو حمص أو لب
أو عدس، فيأخذ ذلك ويضعه في فمه "ويشرق" به ويختنق أو يضعه في أذنه أو
أنفه وقد لا تحس الأم بما فعل إلا بعد شهور عندما تجد صديدًا ينزل من أذنه
أو من أنفه.
* يجد الطفل أمامه علبة كبريت ويلهو بها، وتشتعل العلبة
كلها في يده، وتمسك النار بما حوله من أثاث أو بملابسه ويتحول لعب الطفل
إلى مأساة في المنزل كله.
* يجد الطفل أمامه علبة دواء للسكر أو لضغط
الدم المرتفع خاص بأحد أفراد أسرته، ويقذفها أرضًا فتتناثر الحبوب من حوله
مما يشعره بالسعادة ويبدأ في جمعها ويضعها في فمه، وتفاجأ الأسرة بالطفل
في غيبوبة وقد لا تلاحظ علبة الدواء، أو تجد بعض الأقراص دون أي أثر
للكتابة عليها مما يضع الطبيب المعالج في حيرة شديدة عن سبب تسمم الطفل
وغيبوبته، ونضيع وقتًا طويلاً في عمل الأبحاث اللازمة للوصول إلى تشخيص
الحالة.
* يذهب الطفل إلى الحمام ليشارك أمه في اللعب بالماء والصابون
أثناء غسيل الملابس وتقع عيناه على زجاجة مياه غازية يعرفها فيغافلها
ويشرب منها ليصرخ من الألم، فالزجاجة تحتوي على البوتاس الكاوي الذي
يستعمل في الغسيل أو تحتوي على الغاز الذي يستعمل كوقود في المنزل أو
بنزين للتنظيف.
* يذهب الطفل للمطبخ فيجد أمامه موقد البوتاجاز وعليه
طاسة. لا يرى ما بداخلها ليندلق على ملابسه وجسمه الزيت المغلي الموجود
بداخلها.
* يذهب الطفل إلى حجرة النوم ليلعب وبنظره الحاد يرى بنسة
شعر أو مقصًا صغيرًا على الأرض، وبأصبعه الصغير كالملقاط يمسكه ويبحث عن
مكان يضع فيه اكتشافه.. فيعضها في فيشة الكهرباء مسببًا خسائر في الأرواح
وحرائق في المنزل.
* يذهب الطفل إلى الحمام فيجد ماكينة حلاقة والده
أو موس ملقيًا أو في متناول يده، ويحاول الطفل تقليد الأب وتكون المأساة،
ومن كل ذلك نصل إلى حقيقة مهمة:
إن محاولات الطفل الدائبة لاستكشاف
العالم من حوله تؤدي إلى أخطار كثيرة يتعرض لها هو نفسه، وكذلك أفراد
أسرته، ولو بذلت الأم جهدًا قليلاً في الوقاية من أخطار هذه الاكتشافات
فإنها تمنع قلقًا نفسيًا شديدًا للأسرة وتوفر مالاً وجهدًا كثيرين بدلاً
من إنفاقها في علاج ما حدث، ولأضرب مثلاً واحدًا.. الطفل الذي يشرب
البوتاس تحدث له تشوهات بالفم والمرئ، ويتكلف علاجه مئات الجنيهات،
ويستغرق حوالي عام أو عام ونصف العام لا لكي يعود طبيعيًا ولكن ليمكنه من
الأكل والبلع بصورة مقبولة.
ما هي الوسيلة التي نمنع بها هذه الأخطار عن المنزل وعن أفراد الأسرة:
* لا توجد وسيلة فعالة وحيدة، ولكن الواجب هو الرقابة التامة على الطفل
وعدم تركه وحيدًا إلا أثناء نومه، فإن لم يتيسر ذلك فعلينا أن نبعد مصادر
الأخطار عنه، وذلك يكون مثلاً بعدم استعمال الصودا الكاوية أو البوتاس في
المنزل، وإن كان لا بد من استخدامها فيكون ذلك بعدم وضعها في زجاجات
المشروبات الغازية التي قد تغري بشربها، وبعدم وضع الزجاجات على الأرض أو
على رف منخفض يستطيع أن يمد يده ويتناوله وكذلك بالنسبة للكيروسين
والكبريت والسكاكين والأمواس والمقصات التي يجب الاحتفاظ بها دائمًا بعيدة
عن متناول يد الأطفال.
* وكذلك بالنسبة للأدوية التي يتناولها الكبار،
فلسوء الحظ أن أغلب علب الأدوية من البلاستيك وغير محكمة الغلق، ومن السهل
فتحها وأخذ ما بداخلها، ولذا يجب أن نحتفظ بها دائمً بعيدة عن متناول يده.
* أما بالنسبة للبوتاجاز فيجب أن نضع الأوعية على البوتاجاز وأيديها
للداخل حتى لا يمد يده ويجذبها محاولاً رؤية ما بداخلها فينسكب ما فيها
فوقه، كما يجب إبعاده عن مصدر الخطر؛ مثل أنبوبة البوتاجاز والفرن، وعدم
السماح له باللعب في مفاتيح الموقد. وفيشة الكهرباء الموجودة بالقرب من
الأرض مصدر من مصادر الخطر يجب تغطيته بالشمع اللاصق، أو إن كانت مستعملة
فيجب إخفاؤها بالكرسي أو الكنبة أو التربيزة حتى لا يكون سهلاً وصول يده
إليها.
* أما الفازات والطفايات الكريستال والمورانو والصيني التي
تخشين عليها فيجب إبعادها عن متناول يده.. مفرش المائدة الطويل (المدلدل)
الذي يمكنه جذبه وإسقاط ما فوق المائدة؛ يجب رفع أطراف هذا المفرش حتى لا
يمكنه جذبه. وأدراج الكومودينو والتواليت التي يمكنه فتحها يجب إخلاؤها
مما يمكن أن يؤذيه أو يمكن أن يكسره، فزجاجات التواليت والبنس والمقصات
والأمواس والأدوية يجب عدم وضعها في الأدراج.
لدغ الحشرات:
كثيرًا
ما يتعرض الأطفال أثناء لهوهم إلى لدغ بعض الحشرات مثل النحلة والدبور
وتحدث اللدغة التهابًا شديدًا في المنطقة نتيجة المادة المهيجة التي
تفرزها الغدد اللعابية للحشرة عند لدغها لجسم الطفل. ويستمر الألم
والاحمرار بضع ساعات ليخف تدريجيًا ويمكن تهدئة الألم والاحمرار بوضع قطعة
ثلج فوق موضع اللدغة وفي بعض الأحيان القليلة تكون الأعراض شديدة إذا كان
اللدغ بعدد كبير من الحشرات أو إذا كان لدى الطفل حساسية خاصة من إفرازات
هذه الحشرات بالذات وفي هذه الحالة فلا بد من اللجوء للطبيب ليستطيع
التعامل مع الحساسية العامة وأعراضها عند الطفل.
ابتلاع جسم غريب
الطفل
في السنوات الأولى من حياته كثير الفضول ويعتمد على حاسة التذوق في تمييز
كثير مما يقابله.. فهو ما أن يجد أمامه شيئًا لم يره من قبل ولا يعرفه إلا
ويسارع بوضعه في فمه.. كذلك يغري الطفل شكل زجاجات المياه الغازية
المختلفة ويجب شرابها فما أن يشاهد زجاجة في أي مكان من المنزل إلا ويسارع
بوضعها على فمه ليشرب ما بداخلها وتصبح مأساة لو كانت الأسرة تستعمل
الصودا أو البوتاس الكاوي في الغسيل أو البنزين في التنظيف وتضع تلك
المواد السامة في زجاجات المياه الغازية، ولذلك فنظافة أرض المنزل من
الأشياء التي يمكن أن يبتلعها الطفل مثل الزراير والبلي والدبابيس
والمسامير وبنس الشعر. وهناك أيضًا مشكلة ابتلاع الطفل لأقراص دواء
والخطورة تأتي من أن الطفل يبتلع عددًا كبيرًا من الأقراص تؤثر على صحته
تأثيرًا سيئًا خاصة إذا كانت لعلاج الضغط أو لعلاج السكر.. والوقاية تكون
بالمحافظة على كل علب الدواء بعيدًا عن متناول يد الأطفال.. ولكن إذا حدث
وتناول الطفل دواء أو جسمًا غريبًا فيجب المسارعة بالاتصال بالطبيب أو
بمركز السموم عن طريق مراكز الإسعاف المتصلة بها بخطوط ربط وأهم مركزين
موجودين عندنا هما: في مستشفى قصر العيني ومستشفى كلية طب عين شمس.
الحروق:
الحروق
تمثل أهم وأخطر الإصابات بالنسبة للطفل والحروق قد تكون مباشرة بواسطة
النار نفسها وقد تكون بسبب السوائل الساخنة حيث الطفل ابن العامين مثلاً
يجري في النمزل ويصل المطبخ ويسمع أصواتًا على البوتاجاز تصدر من الطاسة
فيمد يده إلى يدها ليجذبها لتنزل محتوياتها على ملابسه والصورة طبعًا من
الممكن أن تتكرر مع الشاي واللبن الساخن.... الخ، وقد تكون بسبب المواد
الكاوية مثل الصودا الكاوية أو البوتاس الكاوي (الذي ما زال الكثير من
الأهل يستعمله في تنظيف الملابس رغم شدة خطورته على الأطفال) وقد تكون
الحروق بسبب الكهرباء كما ذكرنا من قبل. والعلاج أساسًا هو الوقاية وذلك
بمراقبة الأطفال طوال وقت استيقاظهم وبإبعاد الكبريت والمواد القابلة
للاشتعال عن متناول أيديهم، أما إذا حدثت الحروق فيجب على الأم أن تنظف
مكان الحرق وتضع "كمادات" من الماء المثلج على المنطقة.. أما إذا كانت
منطقة الحروق كبيرة فيجب أن يعالج الطفل في المستشفى.. وعمومًا يجب دائمًا
استشارة الطبيب في حالة تعرض الطفل لأية حروق وإتباع تعليماته بكل دقة.
أخطار الكهرباء:
دخلت
الكهرباء بأسلاكها وأجهزتها كل البيوت وأصبح لها دور مهم وكبير في حياتنا
ولكن مع كل فوائد الأجهزة الكهربائية وأهميتها إلا أن لها خطورة إذا عوملت
باستهتار وإهمال ولذلك فسلك الكهرباء العاري يمسكه الطفل بيده أو فيشة
الكهرباء القريبة من الأرض وبنسة شعر أو مقص يدخله الطفل فيها تسبب حرقًا
كهربائيًا حيث لمس الطفل كما تسب الصدمة الكهربائية هبوطًا حادًا في ضغط
الدم وفقدان الوعي.. والعلاج أساسًا وقائي بمعنى أن نحافظ على الطفل خاصة
في عامه الثاني عندما يبدأ في الحركة واستكشاف العالم من حوله كذلك يجب
إغلاق أي "بريزة كهرباء" غير مستعملة بشمع لاصق ويجب المحافظة على الآلات
الكهربائية بعيدًا عن متناول يد الأطفال كذلك يجب استعمال مكواة الملابس
بعد نوم الطفل ولو اضطرت الأم لاستعمالها وهو مستيقظ فيجب الحذر الشديد
حيث أنه في ثانية نجد الطفل قد أمسك بالمكواة الساخنة وأصيب بحرق كهربائي
في يده. ولكن لو حدثت الصدمة الكهربائية فالواجب هو المسارعة بقطع التيار
الكهربائي أو جذب الطفل بعيدًا عن السلك بقطعة خشب أو ببطانية.. وإذا كانت
هناك أعراض صدمة كهربائية فيجب نقل الطفل فورًا إلى المستشفى لعلاجه هناك.
ملخص القول من كل ما سبق:
إن
الطفل في عامه الثاني يرغب في استكشاف كل ما حوله دون أي تقدير لخطورة ما
يستكشفه على حياته وعلى حياة من حوله. ولذا يجب إبعاد كل ما يمكن أن يعبث
به بعيدًا عن متناول يده، ويجب مراقبته بصفة دائمة طوال فترة استيقاظه حتى
لا يتعرض هو وباقي أفراد الأسرة لأية خطورة نتيجة عبثه والحرص الشديد من
الأم على مراقبة طفلها هو الذي يجعله يجتاز هذه المرحلة بسلام.