المطابقة مع مقتضى الحال في أسلوب الحديث النبوي الشريف / محفوظ فرج إبراهيم
ما من مسلم يغرس غرسا إلا كان ما أُكِل منه له صدقة ،وما سُرِق منه له صدقة ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة ) صحيح مسلم 10: 180ـ 181 ، رياض الصالحين ص75
يتبادر إلى الذهن دائما أن النثر الفني1المتميز هو ما كان بين ثناياه علم البيان2 من تشبيه3، واستعارة4، وكناية5، والحقيقة إن فصاحة الرسول صلى الله عليه وسلم تتفوق على الصور المجازية6 من خلال الدقة في التعبير بوضعه الجملة الموضع الذي يتطابق مع مقتضى الحال لتتحول إلى صورة يتلقفها السامع والقارئ كما في قوله ( ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أُكِل منه له صدقة) ويتجلى ذلك مما عرّف، ونكّر، وحذف، وأضمر، وقدّم، وأخّر7والنفي، والاستثناء ( التوكيد بالقصر ) لتثبيت حقيقة أن كل مسلم يغرس غرسا ويؤكل منه فان الصدقة تعود للغارس؛ وقد نكر ( مسلم) ولم يعرّفه ليحصل التعميم على كل مسلم أي مسلم، وورد قبل النكرة ( من ) حرف جر زائد يفيد التوكيد ليستغرق الجنس كله وقد جاء الفعل ( يغرس ) فعلا مضارعا وليس فعل ماض وهي دعوة إلى الاستمرار والتجدد في الزراعة في الحاضر والمستقبل وقد ورد الفعل كان الماضي الناقص ليكون جزاء الغرس ( له صدقة) و في ذلك حث ودعوة للعمل، والغرس باعتبار أن الصدقة متحققة للغارس وثابتة في قناعته قبل الغرس لكي لا يتباطأ في عمله
وقد ورد الحديث ( يغرس غرسا ) فتحقق في قوله صلى الله عليه وسلم معنيان لتكون الصورة تفضي إلى معنى الحدث للتوكيد على الفعل الغرس ( مفعول مطلق مؤكد لفعله )
وإلى معنى المفعول به، وهو المعنى القريب المقصود به
ثم إننا إذا عدنا إلى النص الغائب في مجمل الحديث الشريف سنجده تأكيد الرسول صلى الله عليه وسلم على مواصلة المسلم للعمل، وعدم الخنوع فالالتزام بالشريعة الإسلامية ليس فقط بأداء الفروض ؛ وإنما العمل ركن أساس في العبادة
وقد بنيت الأفعال الماضية ( أُكِل ، وسُرِق ) للمجهول فيغيب الآكل قصد التعميم أي آكل ومن أي جنس كان ، ويغيب السارق أي سارق ومن أي جنس كان 8
هذا فضلا عن الدقة في تقديمه الخبر (له ) على (صدقة) المبتدأ المؤخر لعنايته صلى الله عليه وسلم بالغارس لأن الضمير في شبه الجملة ( له) يعود عل من يغرس غرسا
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 1
محفوظ فرج / سامراء 1428هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ النثر الفني وهو النثر الذي يرتفع فيه أصحابه الى لغة فيها فن ومهارة وبلاغة / الفن ومذاهبه في النثر العربي د. شوقي ضيف دار المعارف مصر الطبعة الخامسة ص15
2 علم البيان وهو علم يعرف به ايراد المعنى الواحدبطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه / الايضاح في علوم البلاغة / الخطيب القزويني ج2 مطبعة السنة المحمدية القاهرة ص 212
3 التشبيه هو الدلالة على مشاركة أمر لآخر في معنى/ الإيضاح ص 213
4 الاستعارة وهي ما كانت علاقته تشبيه معناه بما وضع له الايضاح / ص 278
5 الكناية لفظ أريد به لازم معناه مع جواز ارادة معناه حينئذ ىلايضاح ص 318
6 المجاز هو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له الايضاح ص 268
7 ينظر دلائل الإعجاز عبد القاهر الجرجاني مطبعة السعادة ص 65
8 يبنى الفعل للمجهول ويحذف الفاعل لأنه لايتعلق غرض بذكره قوله تعالى ( وما أهل به لغير الله …. وما ذبح على النصب أيا كان الذابح فأكل وسرق أيا كان الآكل وأيا كان السارق ينظر معاني النحو د. فاضل صالح السامرائي ص 492
غرس الشجرة والشجرة يغرسها غرسا ، والغرس الشجر الذي يغرس والجمع أغراس ، ويقال للنخلة أول ما تنبت : غريسة ، والغراس : زمن الغرس ، والمغرس موضع الغرس / لسان العرب ، ابن منظور ،دار صادر بيروت الطبعة الرابعة 2005 م 11: 35
لا يرزؤه : لاينقصه ، رزأيرزؤه ومرزئه : ويقال مارزأتُه ماله ومارزِئته ماله بالكسر أي ما نقصته . ويقال مارزأ فلانا شيئا أير ماصاب من ماله شيئا ولا نقص منه / لسان العرب، ابن منظور 6: 143
النص الغائب هو ما ليس له الا وجود إيحائي فاذا زاد وجوده على ذلك خرج عن حدود التناص والابداع / مجلة الموقف الأدبي ، العدد 205 ، أيلول ، السنة 26 دمشق 1996 م ، التناتص والاجناسية في النص الشعري ، الدكتور خليل الموسى ، ص82
الجزء الأول من كتابي (من ملامح الصورة الفنية في الأحاديث النبوية)محفوظ فرج إبراهيم ،المطبوع في مطبعة النحلة، بغداد 2006م
ما من مسلم يغرس غرسا إلا كان ما أُكِل منه له صدقة ،وما سُرِق منه له صدقة ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة ) صحيح مسلم 10: 180ـ 181 ، رياض الصالحين ص75
يتبادر إلى الذهن دائما أن النثر الفني1المتميز هو ما كان بين ثناياه علم البيان2 من تشبيه3، واستعارة4، وكناية5، والحقيقة إن فصاحة الرسول صلى الله عليه وسلم تتفوق على الصور المجازية6 من خلال الدقة في التعبير بوضعه الجملة الموضع الذي يتطابق مع مقتضى الحال لتتحول إلى صورة يتلقفها السامع والقارئ كما في قوله ( ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أُكِل منه له صدقة) ويتجلى ذلك مما عرّف، ونكّر، وحذف، وأضمر، وقدّم، وأخّر7والنفي، والاستثناء ( التوكيد بالقصر ) لتثبيت حقيقة أن كل مسلم يغرس غرسا ويؤكل منه فان الصدقة تعود للغارس؛ وقد نكر ( مسلم) ولم يعرّفه ليحصل التعميم على كل مسلم أي مسلم، وورد قبل النكرة ( من ) حرف جر زائد يفيد التوكيد ليستغرق الجنس كله وقد جاء الفعل ( يغرس ) فعلا مضارعا وليس فعل ماض وهي دعوة إلى الاستمرار والتجدد في الزراعة في الحاضر والمستقبل وقد ورد الفعل كان الماضي الناقص ليكون جزاء الغرس ( له صدقة) و في ذلك حث ودعوة للعمل، والغرس باعتبار أن الصدقة متحققة للغارس وثابتة في قناعته قبل الغرس لكي لا يتباطأ في عمله
وقد ورد الحديث ( يغرس غرسا ) فتحقق في قوله صلى الله عليه وسلم معنيان لتكون الصورة تفضي إلى معنى الحدث للتوكيد على الفعل الغرس ( مفعول مطلق مؤكد لفعله )
وإلى معنى المفعول به، وهو المعنى القريب المقصود به
ثم إننا إذا عدنا إلى النص الغائب في مجمل الحديث الشريف سنجده تأكيد الرسول صلى الله عليه وسلم على مواصلة المسلم للعمل، وعدم الخنوع فالالتزام بالشريعة الإسلامية ليس فقط بأداء الفروض ؛ وإنما العمل ركن أساس في العبادة
وقد بنيت الأفعال الماضية ( أُكِل ، وسُرِق ) للمجهول فيغيب الآكل قصد التعميم أي آكل ومن أي جنس كان ، ويغيب السارق أي سارق ومن أي جنس كان 8
هذا فضلا عن الدقة في تقديمه الخبر (له ) على (صدقة) المبتدأ المؤخر لعنايته صلى الله عليه وسلم بالغارس لأن الضمير في شبه الجملة ( له) يعود عل من يغرس غرسا
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 1
محفوظ فرج / سامراء 1428هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ النثر الفني وهو النثر الذي يرتفع فيه أصحابه الى لغة فيها فن ومهارة وبلاغة / الفن ومذاهبه في النثر العربي د. شوقي ضيف دار المعارف مصر الطبعة الخامسة ص15
2 علم البيان وهو علم يعرف به ايراد المعنى الواحدبطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه / الايضاح في علوم البلاغة / الخطيب القزويني ج2 مطبعة السنة المحمدية القاهرة ص 212
3 التشبيه هو الدلالة على مشاركة أمر لآخر في معنى/ الإيضاح ص 213
4 الاستعارة وهي ما كانت علاقته تشبيه معناه بما وضع له الايضاح / ص 278
5 الكناية لفظ أريد به لازم معناه مع جواز ارادة معناه حينئذ ىلايضاح ص 318
6 المجاز هو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له الايضاح ص 268
7 ينظر دلائل الإعجاز عبد القاهر الجرجاني مطبعة السعادة ص 65
8 يبنى الفعل للمجهول ويحذف الفاعل لأنه لايتعلق غرض بذكره قوله تعالى ( وما أهل به لغير الله …. وما ذبح على النصب أيا كان الذابح فأكل وسرق أيا كان الآكل وأيا كان السارق ينظر معاني النحو د. فاضل صالح السامرائي ص 492
غرس الشجرة والشجرة يغرسها غرسا ، والغرس الشجر الذي يغرس والجمع أغراس ، ويقال للنخلة أول ما تنبت : غريسة ، والغراس : زمن الغرس ، والمغرس موضع الغرس / لسان العرب ، ابن منظور ،دار صادر بيروت الطبعة الرابعة 2005 م 11: 35
لا يرزؤه : لاينقصه ، رزأيرزؤه ومرزئه : ويقال مارزأتُه ماله ومارزِئته ماله بالكسر أي ما نقصته . ويقال مارزأ فلانا شيئا أير ماصاب من ماله شيئا ولا نقص منه / لسان العرب، ابن منظور 6: 143
النص الغائب هو ما ليس له الا وجود إيحائي فاذا زاد وجوده على ذلك خرج عن حدود التناص والابداع / مجلة الموقف الأدبي ، العدد 205 ، أيلول ، السنة 26 دمشق 1996 م ، التناتص والاجناسية في النص الشعري ، الدكتور خليل الموسى ، ص82
الجزء الأول من كتابي (من ملامح الصورة الفنية في الأحاديث النبوية)محفوظ فرج إبراهيم ،المطبوع في مطبعة النحلة، بغداد 2006م