بدأنا المرة الماضية من تركيا بمسجد السلطان أحمد، ونعود لنبدأ منها كذلك هذه المرة، مع أحد أجمل مساجدها على الإطلاق وهو مسجد السليمانية :
يقع هذا المسجد الرائع على تل خلف جامعة اسطنبول، وبني في عهد السلطان سليمان القانوني في الفترة ما بين العام 1550 و1557م. وبناه المعماري “سنان باشا” أشهر معماري في التاريخ العثماني وأحد أشهر المعماريين في عالم العمارة الإسلامية على الإطلاق.
يصل طول المسجد إلى حوالي 69 متر وعرضه إلى 63 متراً، ويتسع لنحو خمسة آلاف مصلي، ويتميز بمآذنه الأربع التي ترتفع في زوايا الباحة في صحن الجامع، ويتضمن هذا الجامع أربع مدراس لعلم الآثار، وحمامًا تركيًّا ومطبخًا ومستشفى للفقراء.
ومن مسجد السليمانية إلى مسجد رائع آخر هو مسجد أورتاكوي:
يعرف أيضاً بجامع المجيدية، ويقع على رصيف أورتاكوي الذي يطل على مضيق البسفور بين البحر الأسود وبحر مرمرة. وقد أمر ببنائه السلطان عبدالمجيد في سنة 1854م ليستغرق بناؤه عامين وينتهي في العام 1856 م، وقام بتنفيذه المعماري نيكوغوص باليان.
أعجبني كثيراً طابعه الذي يبدو أنه تأثر كثيراً بالعمارة الأوروبية خلال هذه الفترة.
ومن تركيا نذهب إلى أول دولة عربية في رحلتنا هذه وهي المغرب لنشاهد مسجد الحسن الثاني:
يقع بمدينة الدار البيضاء هو خامس أكبر مسجد في العالم، ويحتوي على أعلى مئذنة في العالم بارتفاع 210 متر!
تم إكمال بنائه ليلة المولد النبوي يوم 11 ربيع الأول 1414 الموافق 30 أغسطس 1993، في فترة حكم ملك المغرب الحسن الثاني، يتسع لـ 25,000 مُصلي إضافة إلى 80,000 في الباحة! ويتميز المسجد باستخدام تكنولوجيا حديثة مثل السطح الذي يفتح ويغلق بصورة آلية!
ومن المغرب إلى دولة الإمارات العربية المتحدة ومسجد الشيخ زايد:
يعرف أيضاً باسم الجامع الكبير، ويقع في مدينة أبوظبي، وهو أحد أكبر المساجد في العالم، بمساحة تصل 22,000 متر مربع بدون البحيرات العاكسة حوله. ويتسع لـ7000 مصلي في الداخل، و40,000 في المساحات الخارجية.
أمر ببنائه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان –رحمه الله- في العام 1996 وكانت أول صلاة أقيمت فيه هي صلاة عيد الأضحى في 19 ديسمبر 2007، ولكن لم تكن أعمال البناء قد انتهت في المسجد تماماً.
قبة المسجد الرئيسية تعتبر أكبر قبة في العالم حيث يبلغ ارتفاعها 83 مترا و تزن ألف طن، ويصل عدد القباب في هذا المسجد إلى 57 قبة مختلفة الأحجام تغطي الأروقة الخارجية والمداخل الرئيسية والجانبية وجميعها مكسوة من الخارج بالرخام الأبيض المتميز.
أظن أن اجتماع اللون الأبيض الباهر في تصميمه مع جمال رمال الصحراء حوله يجعل لهذا المسجد سحراً خاصاً..
ومن دولة الإمارات العربية المتحدة، نمر سريعاً على الكويت لنشاهد مسجد فاطمة:
تم افتتاحه في عام 1976، وهو على بساطته يعتبر تحفة معمارية مبتكرة حيث يتكون المسجد بأكمله من قبة مخروطية تعلو قــاعـة الصلاة.
ومن الكويت إلى روسيا وتحديداً إلى تتارستان ومسجد كول شريف:
المسجد الجامع أو مسجد قول شريف هو المسجد الرئيسي في تتارستان وثاني اكبر مسجد في روسيا وأوروبا. وقد ادرج في كشف التراث العالمي لليونسكو.
بدأ بناؤه في عام 1996 باعتباره استعادة للمسجد الاسطوري في عاصمة امارة خان قازان والذي لحقه الدمار في عام 1552 حين اقتحمت قوات ايفان الرهيب مدينة قازان. وافتتح المسجد في عام 2005 بمناسبة اليوبيل الالفي للمدينة.
ويقع مسجد قول شريف في القسم الغربي من كرملين قازان. واطلقت عليه هذه التسمية تكريما للبطل القومي التتاري قول – شريف.
ويتسع المسجد في داخله لحوالى الف وخمسائة مصل بينما يمكن ان تستوعب الساحة خارجه حوالي 10 الآف شخص آخر من المصلين. ويبلغ ارتفاع كل واحد من المنائر الرئيسية الاربع 57 مترا. ويوجد فيه اجمالا 8 منائر.
وكان مسجد قول شريف قبل افتتاح مسجد ” قلب الشيشان” في 17 اكتوبر 2008 في غروزني بجمهورية الشيشان يعتبر اكبر واعلى مسجد في روسيا واوروبا، أما في الوقت الحاضر فيعتبر ثاني اكبر مسجد في اوروبا وروسيا.
نترك روسيا الآن لنعود إلى باكستان مرة أخرى، ومسجد بادشاهي:
هو أحد أشهر معالم لاهور وأحد الآثار الرائعة من الفترة المغولية وهو ثاني أكبر مسجد فى باكستان بعد مسجد فيصل بإسلام أباد الذي شاهدناه في الجزء الأول.
بدأ بناؤه في العام 1671 واستغرق عامين ليكتمل في العام 1673، ويعد من أكبر مساجد العالم حيث يستوعب 50,000 مصلي. واجهة المسجد ذات ارتفاع شاهق ومبنية على الطراز المغولي، ويحيط بالمسجد سور مربع مترامى الأطراف، تمتد بطول أضلاعه ردهات طويلة، مليئة بالأقواس وأعمدة الرخام، تتخللها فتحات واسعة تطل على الحدائق المحيطة بالمسجد من جانبه وعلى باحة المسجد من جانب آخر، ذلك إلى جانب الدرج الذى يصل الردهة بالباحة بعد كل ستة أقواس.
ومن روسيا إلى سلطنة بروناي بلد الأخبار الغريبة والعجيبة، وأحد أجمل نماذج العمارة الإسلامية الحديثة وهو مسجد السلطان عمر علي سيف الدين:
يقع في بندر سري بيكوان عاصمة سلطنة بروناي تم بناءه في عام 1958. ويصنف على أنه أحد أكثر الأماكن جذباً للسياح في منطقة جنوب شرق آسيا.
تم تصميمه بواسطة معماري إيطالي، وبُني على بحيرة صناعية بالقرب من ضفة نهر بروناي حيث تحيط به المياه من كل جانب. ويتكون المسجد من بناء رخامي كبير ومجموعة من المآذن وقبة ذهبية، ويحيط بالمسجد حديقة خضراء بها نباتات مزهرة.
ومن بروناي نعود إلى منطقتنا العربية مرة أخرى وتحديداً إلى الأرض المقدسة وأحد أشهر المساجد التي نألفها جميعاً وهو مسجد قبة الصخرة:
لا نستطيع أن نتحدث عن جمال العمارة الإسلامية دون أن نتحدث عن مسجد قبة الصخرة. يقع هذا المسجد في حرم المسجد الاقصى في القدس وتحديدا شمال المسجد، وقد ببنائه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان خلال الفترة 691م – 692م فوق صخرة المعراج، ليصبح بشكله المميز رمزاً لمدينة القدس.
ومن الأرض المباركة نختتم هذه الجولة التي استعرضنا خلالها سريعاً مجموعة من الأمثلة المتنوعة لأجمل مساجد العالم، لنرى كيف اندمجت الحضارة الإسلامية العظيمة مع مختلف ثقافات شعوب العالم، وكيف أدى هذا الاندماج إلى ثراء مدهش في فن العمارة الإسلامية.