أكد المعارض البارز "عبدالحليم خدام" نائب الرئيس السوري السابق، أن العالم
والعرب أمام خيارين لما يحدث في سورية، إما أن تتحول دمشق إلي ملاذ
للمتطرفين أو تخضع لهيمنة إيران في ظل حالة التلكؤ الدولي والإجراءات التي
لا ترقي إلي مستوي دعم الثورة وإسقاط نظام بشار الأسد.
واعتبر أن فكرة تأسيس مجلس حكم انتقالي غير صائبة، لأن المجلس كما ذكر يجب
أن يتم تأسيسه فوق أرض الوطن ومن قبل الذين يكافحون بدمائهم لإسقاط النظام
كونهم ليسوا بحاجة إلي أوصياء، وأكد أن دعم الشعب السوري وثورته يتم بتوفير
الإمكانيات السياسية والإعلامية والمادية والعمل بشكل أساسي علي حض الدول
العربية والمجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات صارمة ضد النظام السوري بما فيها
التدخل العسكري علي غرار ما جري في ليبيا. وكشف في حواره التالي لـ"الوطن
العربي" الحقيقة حول اتهامه بتهريب السلاح إلي الداخل السوري وما يشاع حول
ثروته المالية.. فإلي نص الحوار.
ما هي رؤية عبد الحليم خدام لما يجري علي الساحة السورية والانقسامات في المعارضة؟
- دعنا نميز بين الداخل والخارج، في الداخل ليست هناك انقسامات، الجميع
يعمل تحت سقف مطالب الثورة، وهمهم الأساسي إسقاط النظام ومحاسبة جميع الذين
تورطوا بالجرائم البشعة التي ارتكبها النظام وما زالوا يرتكبونها ضد الشعب
السوري. في الخارج الأمر مختلف، المعارضة في الخارج لها أكثر من نصف قرن
تعارض النظام، ولكنها لم تفلح بتحقيق أي خطوة لإسقاطه، لأنها بالأساس
مختلفة فكرياً وسياسياً ومختلفة حول المصالح، جاءت الثورة فتحركت جموع
المعارضة في الخارج عبر مؤتمرات مختلفة الشعارات، ولكنها في الحقيقة لم
تسلك الطريق الذي يصب في مصلحة الثورة، والسباق كان بين هذه المجموعات
والتي أعطت انطباعات غير إيجابية، بينما كان المفروض استبدال هذه المؤتمرات
بمؤتمر واحد يضم كل القوي والشخصيات الوطنية الداعمة للثورة والملتزمة
بأهدافها، وأن يكون دور هذه المعارضة الموحدة مساندة الثورة وليست قيادة
لها ودعمها وليس الحلول محلها، وأعتقد أن الكثيرين من السوريين في الخارج
متألمون من هذا الوضع.
أطلقت في الآونة الأخيرة جمعة وحدة المعارضة.. ما هي التحديات والمخاطر
التي تفرضها هذه التسمية أمام انشغال بعض الأطراف المعارضة بالانقسامات
وتشكيل هيئات وأطر تنظيمية جديدة؟
- هذه الدعوة التي أطلقتها قوي الثورة في الداخل تعبير عن استيائها من حالة
التشرذم في الخارج ولكن مع الأسف فإن استجابة أطراف الخارج تابعت مسيرتها
في التسابق تحكمها خلفيات من الأفضل ألا تكون موجودة، فمن يتطلع إلي السلطة
عليه أولاً أن يعمل علي إسقاط النظام وأن يقوم بكل ما يستطيع لتحقيق ذلك،
وعندما يسقط النظام وتجري الانتخابات فليطرح تطلعاته نحو السلطة ببرنامج
انتخابي، وإذا قبله الشعب فأهلاً وسهلاً به وهذا أفضل لهؤلاء.
وما هو تقييمك لتأسيس مجلس حكم انتقالي.. ألا تري أنها لم تحقق التوافق المطلوب بين كل القوي المعارضة؟
- فكرة تأسيس مجلس انتقالي ضمن الظروف الراهنة فكرة غير صائبة، لأن المجلس
الانتقالي يجب أن يتأسس فوق أرض الوطن ومن قبل الذين يكافحون بدمائهم
لإسقاط النظام وهم ليسوا بحاجة إلي أوصياء، فما يمكن عمله تشكيل مجموعة عمل
لدعم الثورة ومساندتها بما يتوفر من إمكانيات سياسية وإعلامية ومادية
والعمل بشكل أساسي علي حض الدول العربية والمجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات
صارمة ضد النظام بما فيها التدخل العسكري علي غرار ما جري في ليبيا، لأنه
في غير هذه الحالة ومع عدم تحرك جدي في هذا الاتجاه فالنظام سيستمر في
ارتكاب جرائمه، وبعد أكثر من ستة أشهر من الصبر والتضحية وسقوط الشهداء
واعتقال عشرات الآلاف فإن السوريين في الداخل لن يستطيعوا صبراً، وإنني
أراها رؤية العين الآن متوقعاً أن يتحول الكثيرون إلي العنف لمواجهة العنف،
وهذا الأمر إذا حدث سيجعل سورية ملاذاً لكل المتطرفين في العالمين العربي
والإسلامي، وبالتالي فالمنطقة في وضعها الراهن لن تكون هي نفسها في حال
توجه الثوار السوريين إلي الدفاع عن أنفسهم وعن أعراضهم وعن كرامتهم
واستخدام العنف.
ولكن سيد خدام أليس من الضرورة وجود مجلس حكم انتقالي للحوار مع المجتمع الدولي لمنع وجود فراغ في السلطة بعد سقوط النظام؟
- أولاً الفراغ في السلطة بعد سقوط النظام لن يقع، لأن السوريين يدركون
مسؤولياتهم وسيبادرون فوراً إلي تشكيل مؤسسات تملأ الفراغ وتدير المرحلة
الانتقالية وهذا سيتم في الداخل، أما في الخارج ما يجب عمله هو توحيد القوي
الملتزمة بإسقاط النظام ومحاسبة جميع الذين قاموا بارتكاب الجرائم خلال
الثورة وأن يعمل هؤلاء علي حض المجتمع الدولي والنظام العربي، هنا تأتي
مسؤولية السوريين بالخارج وإذا قاموا بذلك ونجحوا عندئذ من حقهم أن يقولوا
نحن شركاء في الثورة، لأننا بجهودنا تمكنا من دفع المجتمع الدولي والعربي
إلي اتخاذ الإجراءات الحازمة والصارمة ضد النظام وإتاحة الفرصة أمام الشعب
السوري لتحقيق طموحاته.
من هو البديل لبشار الأسد ومن هم السوريون الذين تحدثت عنهم ممن سيملؤون الفراغ بعد سقوط النظام هل هم رفاق لك وأنت معهم؟
- هذا السؤال غريب وفيه إساءة للشعب السوري هل صحيح أن ليس بين السوريين
البالغ عددهم 23 مليوناً من بينهم من يستطيع ملء الفراغ بعد بشار الأسد
وعصابته، وهل السوريون يستطيعون إملاء فراغ نظام قام علي ارتكاب الجريمة
وممارسة كل أنواع الاستبداد والفساد، أما بالنسبة لي ليس في ذهني علي
الإطلاق أن أعمل في السلطة تحت أي ظرف، فدور الآباء قد انتهي، لأن الآباء
منذ أكثر من نصف قرن لم يستطيعوا أن يفعلوا ما فعله هؤلاء الشباب ليس من
حقنا إطلاقاً التفكير بالسلطة بل في كيفية دعم هؤلاء الشباب لأن المستقبل
هو مستقبلهم.
إذن عبد الحليم خدام يعتزل العمل السياسي، أليس كذلك؟
- نعم، أنا منذ استقلت في 5 يونيو "حزيران" العام 2005 قررت اعتزال العمل
السياسي وليس العمل الوطني، ولا سيما في الظروف الصعبة والخطيرة التي تمر
بها البلاد.
ولكن ماذا عن مجموعات العمل التي تعمل معك في الداخل السوري، سمعنا أن لك دوراً في إرسال السلاح إلي سورية؟
- أكذوبة السلاح ابتدعها النظام شأنه في كل القضايا التي تتعلق بالثورة
وبمصالح البلاد فأنا موجود في فرنسا، أولاً: من أين آتي بالسلاح، وثانياً:
هل باخرة السلاح كما ادعوا هي قلم حبر يوضع في جيب، وهم ممسكون بالشواطئ
السورية كلها، وإذا كنت أرسل سلاحاً أين هو هذا السلاح، هذا الأمر جزء من
الأخطاء الإعلامية الكبري للنظام.
ولكن هل تنكر بأن لديك مجموعات عمل تمولها وتعمل لحسابك في الداخل السوري؟
- بكلمات بسيطة بالنسبة للثورة جميع الذين لهم علاقة بي اندمجوا في الثورة،
أما مسألة التمويل فهذا أيضاً جزء من أكاذيب النظام ليس لدي المال، ولو
كان لدي المال لقدمته كله لهؤلاء الثائرين ولهؤلاء النازحين الذين يعانون
الأمرين من فقدانهم الحاجات الأساسية.
تقول لو كان لدي مال ولكنك تعيش في بحبوحة ولم تخرج من سورية خالي اليدين حسب ما يقول البعض؟
- نعم، أعيش بـ"بحبوحة" في حدود إمكانياتي المحدودة ومن كان يعتقد أنني
أملك مالاً أفوضه بأن يذهب، وأنا مستعد لأن أعطيه تفويضاً وإن وجد مالاً
فليأخذه، أنا أعمل في الحياة العامة كمحام فترة طويلة كما أن أولادي يعملون
في مجالات مختلفة وفق إمكانياتهم وأتحدي أي إنسان أن يأتي بواقعة واحدة
فيها علاقة لي أو لأحد من أولادي أو لأحد أقربائي حتي الدرجة العشرين مع
الدولة ومؤسساتها.
فلنعد إلي الثورة السورية ومواقف المجتمع الدولي هل تعتقد أن المجتمع الدولي سيتدخل عسكرياً في سورية كما تطالب أنت؟
- حتي الآن هناك تلكؤ في المجتمع الدولي، ولكن المجتمع الدولي والحكومات
العربية هي جميعاً أمام أحد خيارين وإجراءات لا ترقي إلي مستوي دعم الثورة
لإسقاط النظام عندئذ الثورة ستتحول إلي العنف وستصبح - كما أشرت - سورية
ملاذاً للمتطرفين في العالمين العربي والإسلامي وعندئذ فإن مصالح الجميع
ستصاب بأضرار كبيرة، أما الخيار الثاني فهو استمرار هذا النظام والقضاء علي
الثورة عندئذ ستصبح إيران مطلقة السيادة في المنطقة من البحر المتوسط إلي
حدود، وفي هذه الحالة ستجد الدول الكبري أنها أمام خيارين صعبين الأول خيار
الحرب ضد إيران المهيمنة علي المنطقة، بما في ذلك نفط الخليج إما خيار
التفاوض مع الحكومة الإيرانية لضمان بعض مصالحها، وهنا أريد أن أشير إلي أن
الوضع الآن في ظل ما يتعرض له الشعب السوري لا يقل خطورة عن المرحلة التي
اجتاحت فيها القوات العراقية الكويت، في تلك المرحلة تشكل التحالف الدولي
وكان النظام العراقي معزولاً، أما في هذه المرحلة فإن إيران تهيمن علي
المنطقة كلها وعلي جميع خطوط المواصلات منها وإليها، كما أن طبيعة النظام
الإيراني وإدارته لأزماته تختلف عن طبيعة النظام العراقي وإدارته لأزماته،
فالحرب ضد إيران ستدفع بها إلي استخدام ليس فقط حلفاؤها العلنيين، وإنما
قوتها النائمة وفي هذه الحالة الخيار الوحيد أمام المجتمع الدولي دعم الشعب
السوري واتخاذ الإجراءات الجادة بما فيها التدخل العسكري علي غرار ليبيا،
لأن ذلك سيؤدي إلي خسارة إيران لبنان وسورية وحلفائها الفلسطينيين
والانسحاب من العراق والانكفاء ضمن حدودها الوطنية.
هناك بعض التحليلات والمعلومات تشير إلي أن إيران بالفعل بدأت خطوات
لاستدراك مناطق نفوذها في الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد نظام الأسد، حيث
عاد مقتدي الصدر إلي العراق وتشكيل جيشه ودعمه عسكرياً ليحل محل الدور الذي
يلعبه "حزب الله" ما رأيك؟
- هذا الكلام فيه مبالغة، فمقتدي الصدر لا يستطيع أن يحل محل "حزب الله"
فهو أحد القادة بين المسلمين الشيعة والمسلمين الشيعة في العراق، ليسوا
موحدين وراءه بينما بالنسبة لـ"حزب الله" الأمر مختلف، بالإضافة إلي أن
"حزب الله" له امتدادات خارج لبنان، "حزب الله" بالنسبة لإيران هو القوة
الرئيسية التي تعتمد عليها خارج حدودها.
ولكن هناك دور لإيران ولـ"حزب الله" في قمع الثورة السورية وهناك معطيات تؤكد أن هناك دعم من مقتدي الصدر لهذا التوجه؟
- مقتدي الصدر مبالغ جداً في قوته وهو لا يستطيع أن يوجه أي دعم للنظام
السوري، لأن هناك فاصلاً سكانياً كبيراً في العراق مضاد لتوجهات مقتدي
الصدر، ولا يستطيع اختراق هذا الحاجز، بالإضافة كما قلت ليس هو الأقوي بين
التنظيمات الإسلامية الشيعية في العراق.
ما هي معلوماتك عن الدور الإيراني في قمع الثورة السورية والدور المنوط بـ"حزب الله" في سورية؟
- إيران قدمت للنظام في سورية خبراء وتجهيزات عسكرية تساعده في القمع
بالنسبة لـ"حزب الله" في الواقع، نشر من قبل سواء في جسر الشغور أن 5 عناصر
من "حزب الله" قد قتلت في الجسر في صدام بين المنشقين وبين القوات السورية
لا أستطيع أن أؤكد أو أنفي ذلك لكن بالتأكيد إيران و"حزب الله" يعملان
أقصي جهدهما في حماية النظام وفي ضرب الثورة لأن الموضوع مصيري بالنسبة
لهما.
هناك من يقول إن خلاص لبنان هو من خلاص الشعب السوري وأن الشعب السوري يدفع
فاتورة خلاص منطقة الشرق الأوسط كيف تقرأ مواقف البطريرك الماورني؟
- لا شك أن خلاص لبنان مرتبط بخلاص سورية وسبب ذلك أن إيران الآن عبر "حزب
الله" تهيمن علي لبنان عند سقوط النظام في سورية عندئذ سينحسر "حزب الله"
وسينحسر نفوذ إيران، ويستعيد اللبنانيون استقلالهم وحريتهم.
تصريحات البطريرك الراعي حول الأقليات مجافية للواقع، المسيحيون في سورية
وكل الأقليات في سورية منذ الاستقلال لم يجر التعامل معها كأقليات وإنما
كشركاء في الوطن، الأقلية الوحيدة التي جري التعامل معها بمعايير غير وطنية
هي الأقلية الكردية وهذه الأقلية مسلمة وأيضاً جزء من بنية المجتمع السوري
وجزء وتاريخ وثقافة سورية، فالخطورة في تصريح البطريرك، وإن خرج علي
القواعد المتبعة في بكركي وهي عدم الانجرار إلي مسألة الأقليات والأكثريات
فهو يفترض أن سقوط بشار الأسد سيخلفه نظام سلفي متعصب سيقتلع المسيحيين ولم
يستطع أن يعطي مثالاً واحداً علي تعرض مسيحي واحد في سورية إلي الإساءة من
قبل أي مسلم سواء كان أصولياً أو كان تقدمياً فهو يأخذ حالة افتراضية
وهمية ليدافع عن جرائم بشار الأسد وعن ذبحه للسوريين وهل حالة الخوف
الافتراضي تتطلب أن تبقي الأكثرية الساحقة من السوريين تحت مظلة الإرهاب
والقتل والظلم بالإضافة إلي أن السيد المسيح كان المثل الأعلي للرحمة
ولحماية الإنسان ولكرامته. رحم الله البطريرك المعوشي.
لم ينجح مجلس الأمن الدولي باستصدار قرار بإدانة النظام السوري أو قرار
بالحماية الدولية للمدنيين.. كيف يمكن اتخاذ قرارات دولية للتدخل في سورية
أمام التعنت في الموقف الروسي والصيني وغيره؟
- الموقف الروسي والصيني مخالف لميثاق الأمم المتحدة، ومخالف لشرعية حقوق
الإنسان التي ترقي إلي مستوي ميثاق الأمم المتحدة، هما يعطلان التزاماً لما
فرضه الميثاق والشرعية علي المجتمع الدولي لحماية الشعوب المضطهدة من
الأنظمة الاستبدادية، وبالتالي فإن مجلس الأمن معطل عن القيام بالتزاماته
وهذا يجيز لدول المجتمع الدولي قرارات بتحمل مسؤولياتها في تنفيذ الميثاق
وشرعية حقوق الإنسان وبالتالي حماية الشعب السوري ومساعدته وتمكينه من
تحقيق طموحاته في بناء دولة ديمقراطية.
هل يري عبد الحليم خدام أن تركيا هي الأنسب لتنفيذ قرار دولي بالتدخل في سورية وبغطاء عربي؟
- لا أريد أن أستبق الأحداث، ولكن بالتأكيد إذا اتخذت الدول الكبري قراراً
بحماية الشعب السوري واستخدام القوة من المرجح أن تكون تركيا شريكاً في هذا
التدخل.
والعرب أمام خيارين لما يحدث في سورية، إما أن تتحول دمشق إلي ملاذ
للمتطرفين أو تخضع لهيمنة إيران في ظل حالة التلكؤ الدولي والإجراءات التي
لا ترقي إلي مستوي دعم الثورة وإسقاط نظام بشار الأسد.
واعتبر أن فكرة تأسيس مجلس حكم انتقالي غير صائبة، لأن المجلس كما ذكر يجب
أن يتم تأسيسه فوق أرض الوطن ومن قبل الذين يكافحون بدمائهم لإسقاط النظام
كونهم ليسوا بحاجة إلي أوصياء، وأكد أن دعم الشعب السوري وثورته يتم بتوفير
الإمكانيات السياسية والإعلامية والمادية والعمل بشكل أساسي علي حض الدول
العربية والمجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات صارمة ضد النظام السوري بما فيها
التدخل العسكري علي غرار ما جري في ليبيا. وكشف في حواره التالي لـ"الوطن
العربي" الحقيقة حول اتهامه بتهريب السلاح إلي الداخل السوري وما يشاع حول
ثروته المالية.. فإلي نص الحوار.
ما هي رؤية عبد الحليم خدام لما يجري علي الساحة السورية والانقسامات في المعارضة؟
- دعنا نميز بين الداخل والخارج، في الداخل ليست هناك انقسامات، الجميع
يعمل تحت سقف مطالب الثورة، وهمهم الأساسي إسقاط النظام ومحاسبة جميع الذين
تورطوا بالجرائم البشعة التي ارتكبها النظام وما زالوا يرتكبونها ضد الشعب
السوري. في الخارج الأمر مختلف، المعارضة في الخارج لها أكثر من نصف قرن
تعارض النظام، ولكنها لم تفلح بتحقيق أي خطوة لإسقاطه، لأنها بالأساس
مختلفة فكرياً وسياسياً ومختلفة حول المصالح، جاءت الثورة فتحركت جموع
المعارضة في الخارج عبر مؤتمرات مختلفة الشعارات، ولكنها في الحقيقة لم
تسلك الطريق الذي يصب في مصلحة الثورة، والسباق كان بين هذه المجموعات
والتي أعطت انطباعات غير إيجابية، بينما كان المفروض استبدال هذه المؤتمرات
بمؤتمر واحد يضم كل القوي والشخصيات الوطنية الداعمة للثورة والملتزمة
بأهدافها، وأن يكون دور هذه المعارضة الموحدة مساندة الثورة وليست قيادة
لها ودعمها وليس الحلول محلها، وأعتقد أن الكثيرين من السوريين في الخارج
متألمون من هذا الوضع.
أطلقت في الآونة الأخيرة جمعة وحدة المعارضة.. ما هي التحديات والمخاطر
التي تفرضها هذه التسمية أمام انشغال بعض الأطراف المعارضة بالانقسامات
وتشكيل هيئات وأطر تنظيمية جديدة؟
- هذه الدعوة التي أطلقتها قوي الثورة في الداخل تعبير عن استيائها من حالة
التشرذم في الخارج ولكن مع الأسف فإن استجابة أطراف الخارج تابعت مسيرتها
في التسابق تحكمها خلفيات من الأفضل ألا تكون موجودة، فمن يتطلع إلي السلطة
عليه أولاً أن يعمل علي إسقاط النظام وأن يقوم بكل ما يستطيع لتحقيق ذلك،
وعندما يسقط النظام وتجري الانتخابات فليطرح تطلعاته نحو السلطة ببرنامج
انتخابي، وإذا قبله الشعب فأهلاً وسهلاً به وهذا أفضل لهؤلاء.
وما هو تقييمك لتأسيس مجلس حكم انتقالي.. ألا تري أنها لم تحقق التوافق المطلوب بين كل القوي المعارضة؟
- فكرة تأسيس مجلس انتقالي ضمن الظروف الراهنة فكرة غير صائبة، لأن المجلس
الانتقالي يجب أن يتأسس فوق أرض الوطن ومن قبل الذين يكافحون بدمائهم
لإسقاط النظام وهم ليسوا بحاجة إلي أوصياء، فما يمكن عمله تشكيل مجموعة عمل
لدعم الثورة ومساندتها بما يتوفر من إمكانيات سياسية وإعلامية ومادية
والعمل بشكل أساسي علي حض الدول العربية والمجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات
صارمة ضد النظام بما فيها التدخل العسكري علي غرار ما جري في ليبيا، لأنه
في غير هذه الحالة ومع عدم تحرك جدي في هذا الاتجاه فالنظام سيستمر في
ارتكاب جرائمه، وبعد أكثر من ستة أشهر من الصبر والتضحية وسقوط الشهداء
واعتقال عشرات الآلاف فإن السوريين في الداخل لن يستطيعوا صبراً، وإنني
أراها رؤية العين الآن متوقعاً أن يتحول الكثيرون إلي العنف لمواجهة العنف،
وهذا الأمر إذا حدث سيجعل سورية ملاذاً لكل المتطرفين في العالمين العربي
والإسلامي، وبالتالي فالمنطقة في وضعها الراهن لن تكون هي نفسها في حال
توجه الثوار السوريين إلي الدفاع عن أنفسهم وعن أعراضهم وعن كرامتهم
واستخدام العنف.
ولكن سيد خدام أليس من الضرورة وجود مجلس حكم انتقالي للحوار مع المجتمع الدولي لمنع وجود فراغ في السلطة بعد سقوط النظام؟
- أولاً الفراغ في السلطة بعد سقوط النظام لن يقع، لأن السوريين يدركون
مسؤولياتهم وسيبادرون فوراً إلي تشكيل مؤسسات تملأ الفراغ وتدير المرحلة
الانتقالية وهذا سيتم في الداخل، أما في الخارج ما يجب عمله هو توحيد القوي
الملتزمة بإسقاط النظام ومحاسبة جميع الذين قاموا بارتكاب الجرائم خلال
الثورة وأن يعمل هؤلاء علي حض المجتمع الدولي والنظام العربي، هنا تأتي
مسؤولية السوريين بالخارج وإذا قاموا بذلك ونجحوا عندئذ من حقهم أن يقولوا
نحن شركاء في الثورة، لأننا بجهودنا تمكنا من دفع المجتمع الدولي والعربي
إلي اتخاذ الإجراءات الحازمة والصارمة ضد النظام وإتاحة الفرصة أمام الشعب
السوري لتحقيق طموحاته.
من هو البديل لبشار الأسد ومن هم السوريون الذين تحدثت عنهم ممن سيملؤون الفراغ بعد سقوط النظام هل هم رفاق لك وأنت معهم؟
- هذا السؤال غريب وفيه إساءة للشعب السوري هل صحيح أن ليس بين السوريين
البالغ عددهم 23 مليوناً من بينهم من يستطيع ملء الفراغ بعد بشار الأسد
وعصابته، وهل السوريون يستطيعون إملاء فراغ نظام قام علي ارتكاب الجريمة
وممارسة كل أنواع الاستبداد والفساد، أما بالنسبة لي ليس في ذهني علي
الإطلاق أن أعمل في السلطة تحت أي ظرف، فدور الآباء قد انتهي، لأن الآباء
منذ أكثر من نصف قرن لم يستطيعوا أن يفعلوا ما فعله هؤلاء الشباب ليس من
حقنا إطلاقاً التفكير بالسلطة بل في كيفية دعم هؤلاء الشباب لأن المستقبل
هو مستقبلهم.
إذن عبد الحليم خدام يعتزل العمل السياسي، أليس كذلك؟
- نعم، أنا منذ استقلت في 5 يونيو "حزيران" العام 2005 قررت اعتزال العمل
السياسي وليس العمل الوطني، ولا سيما في الظروف الصعبة والخطيرة التي تمر
بها البلاد.
ولكن ماذا عن مجموعات العمل التي تعمل معك في الداخل السوري، سمعنا أن لك دوراً في إرسال السلاح إلي سورية؟
- أكذوبة السلاح ابتدعها النظام شأنه في كل القضايا التي تتعلق بالثورة
وبمصالح البلاد فأنا موجود في فرنسا، أولاً: من أين آتي بالسلاح، وثانياً:
هل باخرة السلاح كما ادعوا هي قلم حبر يوضع في جيب، وهم ممسكون بالشواطئ
السورية كلها، وإذا كنت أرسل سلاحاً أين هو هذا السلاح، هذا الأمر جزء من
الأخطاء الإعلامية الكبري للنظام.
ولكن هل تنكر بأن لديك مجموعات عمل تمولها وتعمل لحسابك في الداخل السوري؟
- بكلمات بسيطة بالنسبة للثورة جميع الذين لهم علاقة بي اندمجوا في الثورة،
أما مسألة التمويل فهذا أيضاً جزء من أكاذيب النظام ليس لدي المال، ولو
كان لدي المال لقدمته كله لهؤلاء الثائرين ولهؤلاء النازحين الذين يعانون
الأمرين من فقدانهم الحاجات الأساسية.
تقول لو كان لدي مال ولكنك تعيش في بحبوحة ولم تخرج من سورية خالي اليدين حسب ما يقول البعض؟
- نعم، أعيش بـ"بحبوحة" في حدود إمكانياتي المحدودة ومن كان يعتقد أنني
أملك مالاً أفوضه بأن يذهب، وأنا مستعد لأن أعطيه تفويضاً وإن وجد مالاً
فليأخذه، أنا أعمل في الحياة العامة كمحام فترة طويلة كما أن أولادي يعملون
في مجالات مختلفة وفق إمكانياتهم وأتحدي أي إنسان أن يأتي بواقعة واحدة
فيها علاقة لي أو لأحد من أولادي أو لأحد أقربائي حتي الدرجة العشرين مع
الدولة ومؤسساتها.
فلنعد إلي الثورة السورية ومواقف المجتمع الدولي هل تعتقد أن المجتمع الدولي سيتدخل عسكرياً في سورية كما تطالب أنت؟
- حتي الآن هناك تلكؤ في المجتمع الدولي، ولكن المجتمع الدولي والحكومات
العربية هي جميعاً أمام أحد خيارين وإجراءات لا ترقي إلي مستوي دعم الثورة
لإسقاط النظام عندئذ الثورة ستتحول إلي العنف وستصبح - كما أشرت - سورية
ملاذاً للمتطرفين في العالمين العربي والإسلامي وعندئذ فإن مصالح الجميع
ستصاب بأضرار كبيرة، أما الخيار الثاني فهو استمرار هذا النظام والقضاء علي
الثورة عندئذ ستصبح إيران مطلقة السيادة في المنطقة من البحر المتوسط إلي
حدود، وفي هذه الحالة ستجد الدول الكبري أنها أمام خيارين صعبين الأول خيار
الحرب ضد إيران المهيمنة علي المنطقة، بما في ذلك نفط الخليج إما خيار
التفاوض مع الحكومة الإيرانية لضمان بعض مصالحها، وهنا أريد أن أشير إلي أن
الوضع الآن في ظل ما يتعرض له الشعب السوري لا يقل خطورة عن المرحلة التي
اجتاحت فيها القوات العراقية الكويت، في تلك المرحلة تشكل التحالف الدولي
وكان النظام العراقي معزولاً، أما في هذه المرحلة فإن إيران تهيمن علي
المنطقة كلها وعلي جميع خطوط المواصلات منها وإليها، كما أن طبيعة النظام
الإيراني وإدارته لأزماته تختلف عن طبيعة النظام العراقي وإدارته لأزماته،
فالحرب ضد إيران ستدفع بها إلي استخدام ليس فقط حلفاؤها العلنيين، وإنما
قوتها النائمة وفي هذه الحالة الخيار الوحيد أمام المجتمع الدولي دعم الشعب
السوري واتخاذ الإجراءات الجادة بما فيها التدخل العسكري علي غرار ليبيا،
لأن ذلك سيؤدي إلي خسارة إيران لبنان وسورية وحلفائها الفلسطينيين
والانسحاب من العراق والانكفاء ضمن حدودها الوطنية.
هناك بعض التحليلات والمعلومات تشير إلي أن إيران بالفعل بدأت خطوات
لاستدراك مناطق نفوذها في الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد نظام الأسد، حيث
عاد مقتدي الصدر إلي العراق وتشكيل جيشه ودعمه عسكرياً ليحل محل الدور الذي
يلعبه "حزب الله" ما رأيك؟
- هذا الكلام فيه مبالغة، فمقتدي الصدر لا يستطيع أن يحل محل "حزب الله"
فهو أحد القادة بين المسلمين الشيعة والمسلمين الشيعة في العراق، ليسوا
موحدين وراءه بينما بالنسبة لـ"حزب الله" الأمر مختلف، بالإضافة إلي أن
"حزب الله" له امتدادات خارج لبنان، "حزب الله" بالنسبة لإيران هو القوة
الرئيسية التي تعتمد عليها خارج حدودها.
ولكن هناك دور لإيران ولـ"حزب الله" في قمع الثورة السورية وهناك معطيات تؤكد أن هناك دعم من مقتدي الصدر لهذا التوجه؟
- مقتدي الصدر مبالغ جداً في قوته وهو لا يستطيع أن يوجه أي دعم للنظام
السوري، لأن هناك فاصلاً سكانياً كبيراً في العراق مضاد لتوجهات مقتدي
الصدر، ولا يستطيع اختراق هذا الحاجز، بالإضافة كما قلت ليس هو الأقوي بين
التنظيمات الإسلامية الشيعية في العراق.
ما هي معلوماتك عن الدور الإيراني في قمع الثورة السورية والدور المنوط بـ"حزب الله" في سورية؟
- إيران قدمت للنظام في سورية خبراء وتجهيزات عسكرية تساعده في القمع
بالنسبة لـ"حزب الله" في الواقع، نشر من قبل سواء في جسر الشغور أن 5 عناصر
من "حزب الله" قد قتلت في الجسر في صدام بين المنشقين وبين القوات السورية
لا أستطيع أن أؤكد أو أنفي ذلك لكن بالتأكيد إيران و"حزب الله" يعملان
أقصي جهدهما في حماية النظام وفي ضرب الثورة لأن الموضوع مصيري بالنسبة
لهما.
هناك من يقول إن خلاص لبنان هو من خلاص الشعب السوري وأن الشعب السوري يدفع
فاتورة خلاص منطقة الشرق الأوسط كيف تقرأ مواقف البطريرك الماورني؟
- لا شك أن خلاص لبنان مرتبط بخلاص سورية وسبب ذلك أن إيران الآن عبر "حزب
الله" تهيمن علي لبنان عند سقوط النظام في سورية عندئذ سينحسر "حزب الله"
وسينحسر نفوذ إيران، ويستعيد اللبنانيون استقلالهم وحريتهم.
تصريحات البطريرك الراعي حول الأقليات مجافية للواقع، المسيحيون في سورية
وكل الأقليات في سورية منذ الاستقلال لم يجر التعامل معها كأقليات وإنما
كشركاء في الوطن، الأقلية الوحيدة التي جري التعامل معها بمعايير غير وطنية
هي الأقلية الكردية وهذه الأقلية مسلمة وأيضاً جزء من بنية المجتمع السوري
وجزء وتاريخ وثقافة سورية، فالخطورة في تصريح البطريرك، وإن خرج علي
القواعد المتبعة في بكركي وهي عدم الانجرار إلي مسألة الأقليات والأكثريات
فهو يفترض أن سقوط بشار الأسد سيخلفه نظام سلفي متعصب سيقتلع المسيحيين ولم
يستطع أن يعطي مثالاً واحداً علي تعرض مسيحي واحد في سورية إلي الإساءة من
قبل أي مسلم سواء كان أصولياً أو كان تقدمياً فهو يأخذ حالة افتراضية
وهمية ليدافع عن جرائم بشار الأسد وعن ذبحه للسوريين وهل حالة الخوف
الافتراضي تتطلب أن تبقي الأكثرية الساحقة من السوريين تحت مظلة الإرهاب
والقتل والظلم بالإضافة إلي أن السيد المسيح كان المثل الأعلي للرحمة
ولحماية الإنسان ولكرامته. رحم الله البطريرك المعوشي.
لم ينجح مجلس الأمن الدولي باستصدار قرار بإدانة النظام السوري أو قرار
بالحماية الدولية للمدنيين.. كيف يمكن اتخاذ قرارات دولية للتدخل في سورية
أمام التعنت في الموقف الروسي والصيني وغيره؟
- الموقف الروسي والصيني مخالف لميثاق الأمم المتحدة، ومخالف لشرعية حقوق
الإنسان التي ترقي إلي مستوي ميثاق الأمم المتحدة، هما يعطلان التزاماً لما
فرضه الميثاق والشرعية علي المجتمع الدولي لحماية الشعوب المضطهدة من
الأنظمة الاستبدادية، وبالتالي فإن مجلس الأمن معطل عن القيام بالتزاماته
وهذا يجيز لدول المجتمع الدولي قرارات بتحمل مسؤولياتها في تنفيذ الميثاق
وشرعية حقوق الإنسان وبالتالي حماية الشعب السوري ومساعدته وتمكينه من
تحقيق طموحاته في بناء دولة ديمقراطية.
هل يري عبد الحليم خدام أن تركيا هي الأنسب لتنفيذ قرار دولي بالتدخل في سورية وبغطاء عربي؟
- لا أريد أن أستبق الأحداث، ولكن بالتأكيد إذا اتخذت الدول الكبري قراراً
بحماية الشعب السوري واستخدام القوة من المرجح أن تكون تركيا شريكاً في هذا
التدخل.