يشكل الحس الإنساني حافزاً خلاقاً لدى شريحة
المبدعين، الذين يحلمون دائماً بتحسين حياة الناس والسعي لإيجاد حلول
لمشاكلهم في حياتهم اليومية و تعزيز تواصل الإنسان مع محيطه ومجتمعه، ويقول
المخترع السعودي الشاب محمود معتز غلمان 17 عاماً، الطالب بالصف ثاني
ثانوي علمي بمدارس الذكر بمدينة جدة، والحائز على جائزة مسابقة « أنتل»
للعلوم في العالم العربي عن اختراع « النظارة السامعة «، بأن تأثره بشريحة
الصم الذين يعانون من فقدان حاسة السمع والتي تؤثر سلباً على تواصلهم مع
المجتمع وربما الحد من قدرتهم على التعلم، دفعته لإيجاد وسيلة تواصل بديلة
لحاسة السمع وهي «النظارة السامعة» والتي تتيح للصم التعرف مرئياً على
الأصوات المسموعة داخل محيطهم.
ويوضح غلمان بأن النظارة تقوم على مبدأ الربط بين التقنية الحديثة مع
الحواس البشرية، حيث إنها تحول المحادثة الشفهية من المتكلم إلى نص مكتوب
على شاشة النظارة التي يرتديها الأصم، والتي تمكنه من مشاهدة النص بذات
السرعة التي يتحدث بها المتكلم، وأضاف لقد قمت بتنفيذ نموذج أولي للنظارة
السامعة وتجميع المعدات اللازمة من شاشة، نظارة، وميكروفون وأدوات أخرى،
وسارعت بتجربتها على عدد من المصابين بالصمم للتأكد من فاعليتها ولمست مدى
استفادة مستخدمي النظارة، وأود أن أشيد بتعاون مركز جدة للسمع (الجش)
والذين سمحوا لي باختبار النظارة على عدد لا بأس به من شريحة إخواننا الصم،
وأضاف بأنه يعكف حالياً على تطوير اختراعه بابتكار آليات تقوم على تحويل
النص المسموع إلى فيديو مرئي.
وأشار بأن الاختراع أتاح له المشاركة بعدة مسابقات محلية وعالمية، وهي
معرض موهبة للعلوم والهندسة، ثم رُشح لتمثيل المملكة بمعرض « أنتل « للعلوم
والهندسة في الولايات المتحدة الإمريكية بولاية كاليفورنيا العام الماضي،
وبعدها شارك بمسابقة « أنتل» للعلوم في العالم العربي والتي حصل فيها على
المركز الثاني على مستوى الدول العربية في مجال الهندسة والعلوم
الاجتماعية. وفي هذا العام فاز محمود بإحدى جوائز الاولمبياد الوطني
للإبداع برعاية موهبة وسيمثل المملكة للسنة الثانية على التوالي في معرض
انتل للعلوم والموهبة والذي سيقام في شهر مايو القادم بمدينة لوس انجلوس.
ووجه غلمان شكره لشركة « انتل « لبحثهم المتواصل عن المبدعين وتنمية
مواهبهم وتقديم فرص وإمكانيات على مستوى عالٍ بما يواكب التقدم التكنولوجي
العالمي، و بين بأنه يعمل على تسجيل براءة الاختراع على المستوى العالمي
لحماية حقوقه الفكرية، ثم سوف يقدم اختراعه لإحدى الشركات المتخصصة لتقوم
بتصنيعه بكميات تجارية.
ولم تتوقف حدود أحلام محمود عند دراسة الهندسة المرتبطة بعلوم الفيزياء،
بل إنه يحلم بإنشاء مركز أبحاث للاختراعات لكافة المجالات، كما يتمنى
الحصول على جائزة نوبل في مجال الفيزياء، بهدف مساعدة الناس وتحسين نمط
عيشهم خدمةً للوطن والإنسانية .
محمود شاب يحب الرسم والفيزياء، وذو شخصية اجتماعية، ويمارس رياضة التنس
والفروسية في النادي بشكل يومي، ويقضي ساعات في الدراسة والبحث العلمي
وشبكة الانترنت، ولديه العديد من الاختراعات التي سوف يعلنها قريباً،
لافتاً بأن لأسرته دوراً كبيراً في تشجيعه معنوياً ومادياً.
ويرى محمود بأن جيل الشباب اليوم متعلم و لديه وعي كبير، ويسير في
الطريق الصحيح، إلا أن قلة الثقة بالنفس وضعف الجرأة وضعت أمامه العراقيل
مما تسبب في شح عدد الابتكارات، مشدداً بأن على الشباب الا يخضعوا للخوف من
الفشل ويمضوا قدماً في العمل والإبداع.