تستمر
المظاهرات المطالبة برحيل الرئيس المصري حسني مبارك ونظامه لليوم التاسع
على التوالي بمختلف المدن المصرية، بعد مظاهرات غير مسبوقة أمس، لم يحد من
عنفوانها التزام من الرئيس بعدم الترشح مجددا
للرئاسة.
ووفقا للصحفي داود حسن فإن الاستعدادات تجري على قدم وساق للتحضير لمظاهرات
اليوم في ميدان التحرير الذي "لا تزال القناة الصلبة للمتظاهرين ترابط فيه
إلى أن يرحل مبارك نهائيا ونظامه".
وأشار حسن إلى أن بعض المتظاهرين غادر مؤقتا الميدان لقضاء بعض مصالحه
وللتزود بالمؤن استعدادا لجولة جديدة من الاحتجاجات التي يأمل المتظاهرون
أن تقود إلى تغيير النظام.
وأظهرت الصور المباشرة الواردة من ميدان التحرير قبل قليل أن الآلاف قد بدؤوا التوافد فعلا على الميدان.
ومن الإسكندرية أفاد الصحفي رضا شعبان بأن استعدادات أخرى تجري لتنظيم
مظاهرات ضخمة اليوم أمام مسجد القائد إبراهيم لإرغام الرئيس على ترك منصبه
فورا.
وكانت مجموعات من المتظاهرين ونشطاء سياسيون قد عبروا أمس عن تمسكهم بإسقاط
الرئيس مبارك ونظامه بعيد خطاب اكتفى فيه بإعلان عدم نيته الترشح مجددا
للرئاسة.
ووصف المتظاهرون الخطاب بأنه حيلة من مبارك للتشبث بالسلطة، وأعلنوا أنهم
لن يغادروا الميدان حتى يغادر الرئيس منصبه. وعلت هتافاتهم المطالبة برحيله
الفوري دون إبطاء، قائلين "مش هنمشي.. هو يمشي". كما طالب نشطاء آخرون
بمحاكمة الرئيس جراء ما اقترفه من "جرائم" بحق الشعب المصري.
كما هتف المتظاهرون بما سموه "قسم الثوار" الذي يقول "أقسم بالله العظيم أن
أعمل على استمرار الثورة الشعبية جنديا في صفوفها، لا أغادر الميدان حتى
يغادر مبارك ورموز نظام مبارك نهائيا هذا البلد".
وجه آخر
وفي المقابل ذكر التلفزيون الرسمي -الذي أغفل تغطية المظاهرات المليونية
المناوئة للنظام- أن العشرات من مؤيدي مبارك تجمعوا في القاهرة بعد خطابه.
وأظهرت الصور لافتة كتب عليها "نعم لمبارك".
وفي الإسكندرية قال شهود عيان للجزيرة إن محتجين اشتبكوا فترة قصيرة مع
مؤيدين للرئيس المصري. وسمعت عيارات نارية بينما توجهت دبابة إلى مكان
الاشتباك.
وعرضت الجزيرة لقطات من هذه المدينة الساحلية لشبان يلقون الحجارة قبل أن
يتفرقوا، بينما سمعت أصوات عيارات نارية من بندقية آلية، وتقدمت دبابة
نحوهم قبل أن تتوقف ثم تعاود الانسحاب، في محاولة لتفريقهم على ما يبدو.
وقال شاهد آخر لوكالة الصحافة الفرنسية "كنا متجمعين سلميا حين هاجمنا نحو
150 شخصا من جماعة النظام وأعضاء حزب مبارك يعرفهم سكان المنطقة، وكانوا
مسلحين بالسكاكين والعصي".
وأضاف "أصيب الناس بالهلع وبدؤوا يركضون، لكن الجيش تدخل وأطلق النار في
الهواء لتفريق المعتدين". وقال إن "الهدوء عاد بعض الشيء لكن المعتدين ما
زالوا هنا".
وبدورهم قال شهود عيان آخرون إن مشاجرات محدودة وقعت بين المحتجين وأشخاص
اندسوا بينهم يحملون أسلحة بيضا. وقالوا إن عيارات نارية أطلقت في الهواء
لفض الاشتباكات.
وأفاد شهود آخرون بأن اضطرابات مشابهة وقعت في مدن السويس والإسماعيلية
وبور سعيد، وجميعها تطل على قناة السويس شرق القاهرة. وأفادت مصادر للجزيرة
بأن أشخاصا بزي مدني يحملون السلاح الأبيض اعتدوا على المتظاهرين في
بورسعيد بعد انسحاب الجيش.
مظاهرات مليونية
وأمس الثلاثاء، تظاهر نحو ثمانية ملايين شخص بالقاهرة وسائر أنحاء مصر، في
أضخم احتجاجات من نوعها في تاريخ البلاد في ثامن "أيام الغضب"، مطالبين
بتنحي مبارك ونظامه عن الحكم.
ورغم دخول حظر التجول حيز التنفيذ الساعة الثالثة بعد الظهر بالتوقيت
المحلي (الواحدة بتوقيت غرينتش)، واصل نحو مليوني شخص التظاهر في ميدان
التحرير بقلب القاهرة، بعدما امتد تجمعهم إلى الساحات والشوارع المجاورة،
بينما تظاهر زهاء ستة ملايين آخرين في مدن مصرية أخرى مرددين شعارات تطالب
برحيل مبارك.
وفي تصعيد لأشكال الاحتجاج، تحولت شعارات المتظاهرين من "الشعب يريد إسقاط
الرئيس" إلى "الشعب يريد إعدام الرئيس"، وشنق المتظاهرون في ميدان التحرير
دمية تصور الرئيس مبارك، بعد محاكمة شعبية أقامها المحتجون له ولعدد من
أركان نظامه.
وإلى جانب مبارك، شملت المحاكمة رئيس مجلس الشعب الحالي فتحي سرور، وأمين
التنظيم في الحزب الوطني الحاكم رجل الأعمال البارز أحمد عز الذي أجبرته
احتجاجات "جمعة الغضب" على الاستقالة من منصبه، ووزير الداخلية السابق حبيب
العادلي.
وبدأت المحاكمة بوضع أربع دمى تمثل مبارك وسرور وعز والعادلي خلف القضبان،
تلت ذلك قراءة لائحة الاتهامات الموجهة لمبارك، والتي تضمنت تهم "القتل
الجماعي والإبادة الجماعية للمصريين"، و"سرقة أموال الشعب".