وداعــــــــــــــــا سيـــــــــــــــدي
جميل ان نكتب لكن الاجمل من هدا كله ان يحس من يقرأ لنا بما نكتب ’ فالكتابة بلا احساس شيئ من العبث .
وقفت تتامل فيه طوله الفاره ونظراته المليئة بالحزن والاسى ووجهه الاسمر وابتسامته الدابلة وسحابة الحزن المرسومة على جبينه .
حاولت ان تلتقط الكلمات ... ان تسردالاعترافات فانبجس الدمع في عيونها
الحوراء.. ولم تتمالك نفسها وانهمرت عبراتها المتلئلئة كحبات لؤلؤ
مهدور ... حاولت ان تتكلم ان تقذف اعترافها .. ان تفجر حكايتها مع
الزمن .. حاولت ان تقول له اني احبك لكن ما اقترفته في حقه
كان شيئ عظيم ما فعلته بقلبه امر يقتلها .. في كل لحظة تستسلم
للصمت وعباراتها لا تتوقف تأبى عليها السكينه .
ورجعت بها الدكريات الى عشر سنين خلت .. وتدكرت هدا الواقف
اامامها اليوم كيف كان يذوب فيها حبا هذا الذي تقف امامه الان
مرتعشة كانت لمسات اناملها تجعله طفلا صغيرا كان يقطف لها الازهار
من شتى الالوان والاشكال ويصنع منها اكليلا يرصع به جبينها الضاوي
ويقول لبيك مولاتي.
هذا الواقفة اليوم امامه كانت له يوما كل حياته وكل دنياه من
اجلها يغطس في الاعماق ويجلب لها اجمل الاصداف واكبرها ويقدمها
لها هدية في عيد الميلاد .. من اجلها من من اجل بسمتها كان يقطف
لها النجوم ويزرعها ورودا في ربيع روحها.. لكن هدا الدي بذل لها
العطاء تلوى العطاء تخلت عنه بعدما خطفت منه قلبه وروحه
وتركته عند اول محنه تركته يجري لاهثا وراء قلبه وراء روحه
وحطمت فيه الكبرياء وعذبها الضمير بضع ليالي لتنساه وتصبح ذكراه
مجرد رماد تنثره رياح الزمن الهارب .. هذا الزمن الذي لا يعرف
احد كيف يسير بالناس وكيف يرفعهم الى اعالي السماء او يهوى بهم
الى سحيق الارض واديميها اما هو فتحدى اللحظات تحد الزمن وخرج من
المحنه سالما معافى وبقيت اثار الجراح في قلبه صارخة . ما
ابعد اليوم بالبارحه من قال ان الامور تنقلب بهدا الشكل من كان
يظن انه سيجمع مابقي له من كبرياء وشتاه قلب كادت ان تأخذه
الرياح في طيات الزمن ويقوم من رماده كطائر العنقاء ويصنع من
هزيمته نصراعظيما.
اختلطت عليها الافكار وغرقت في دوامة التأنيب ومحاسبة النفس اما هو
فواقف واجم لا يتحرك كتمثال شامخ ولم يعد يرى من حوله رغم كثرة
الغادين والرائحين سواها ودموعها التي تنهمر سيلا غزيرا هاته
الدموع التي مسحها فيما مضى بأنامله وغرق هو ايضا في ذكريات الماضي
الراحل حاول ان يقول شيئ ان يمد انامله المرتعشة ليكفكف عنها
مدامعها لكنه عجز عن فعل اي شيئ وكأن الشلل اصاب اطرافه حاولت
ان ترفع هامتها امامه .. حاولت ان تضع عيناها في عيناه جمعت
اشلاء قوتها المتناثرة واقصى ما تملك من قوة لكن انا لها
الشجاعه بعدما سفهت احلامه ورمت حبه الى بحر الالم والحرمان ..
مادا تقول له ..؟ بمادا تخاطبه..؟ وكيف تواجهه..؟
بحثت في طيات ذاكرتها عن خطأ ارتكبه في حقها ليكون حجة عليه. فلم
تجد سوى حبه وعطاءه العظيم الذي لا ينضب فتمنت لو ان الارض انشقت
وبلعتها الى الابد’ شعرت بالسكون يلفها رفعت رأسها ببطئ فلم تجده
. رمت بعيناها الدامعتان فوجدته ماضيا في حال سبيله يمشي
الهوينه وكأن به سكرة او دوار حتى هو لم يجد ما يقول لا تدري
ان كان ذلك احتقارا لها ام اشفاق لحالها .. ان كان احتقارا
فهذا جزائها وان كان اشفاقا منه عليها فالمصيبة اعظم . جرت
نحوه توقفت فجأة .. نادته وكان صوتها رقيقا عذبا يثير الاشفاق,
توقف دون ان يلتفت اليها .. مشت نحوه ببطئ ارتجفت شفتاها وأخيرا
نطقت.
سيدي شكرا فقد مددت يد العون لي بعدما تخلى عني الجميع وقبل ذلك
كنت انت في امس الحاجة الي فتركتك عند اول محنه.. وبعد هدا كله
لم تتخلى عني حتى وانا بعيدة عنك كنت دائما جنبي دون ان اشعر
بوجودك ودون ان اشعر بأنك انت الدي وهبني السعادة دون غيرك
وحرمتك انا من هده السعادة بل حتى من رذاذها القليل .. وخانتها
العبرات وارتمت على ظهره فشعرت ان قلبه يكاد يخرج من ظهره
وبللت دموعه الدافئه يديها الرقيقتين فشعرت ان شيئ بداخلها قد انكسر
وهي تستشعر دفئ الدموع الصادقه على يدها الرقيقة .. ماذا فعلت في
حق القلب الذي عانق قلبها .. يا لهول ما اقترفت .
وقالت بصوت خنقته الدموع:
- اتبك يا اغلى من روحي .. انا لا استحق منك نظرة عطف كيف
تهرق دموعك الغالية لأجلي .. انت اكبر وأعظم من ان تبك على واحده
مثلي .. انا التي يجب عليها النحيب والعويل على ما فعلت في حق
انسان لا يستحق الا الحب العظيم .
لا... لا لا استحق منك كل هذا .. هذا كثير علي ولم تستطع ان
تكمل ولم يعد لها شيئ تعبر به سوى دموعها وعم الصمت بينهما
ولم يعد تسمع الا دقات القلوب وحشرجة الانفاس .
مسح دموعه واعتدل في وقفته نظر اليها وقال بهدوء: انستي قد مضى الحب الى مصرعه ولم يبقى لي سوى ان اودعك ..
صرخت مذعورة :
- ابقى فأني احبك دعني ارد لك بعضا من الحب وشيئ من السعاده التي خطفتها منك
نظر اليها واردف قائلا:
لقد تأخرت عشر سنين
توسلت اليه وقالت بصوت يقطر الما :
ارجوك لا ترحل
لم يلتفت اليها ومضى في طريقه يمشي الهوينه تاركا قلبه جريحا امام
من احب لكنه اخذ كرامته التي داستها ذات يوم , اما هي فراحت
تشيعه بنظراتها وعيونها تنهمر دمعا غزيرا لا يتوقف والندم يأكل
قلبها ومن يومها لم تعد تراه او تسمع عنه وبقي مجرد ذكرى جميلة
لا تنسى الى الابد.