دور الاخوان المسيح في بلدهم العراق
علي الغزي
كثيـــــر مـــــن المــواقــف تشهـــد للمــسيحيـين وفــاءهـــم لمــواطنتهـــم
يذكر نظام رعاية الطوائف الدينية ذو الرقم (32) لسنة (1981) المنشور في جريدة الوقائع العراقية /العدد(2852) في5 /10/1981/ في المادة الاولى من بابه الاول (تتولى الوزارة –يقصد الاوقاف- تنظيم وادارة شؤون الطوائف الدينية –يقصد غير المسلمة – وأوقافها) ويحدد في ملحقه المنشور في ذات الجريدة / العدد(2867) في (18/1/1981) أربع عشرة طائفة مسيحية بالاضافة للطائفة الايزيدية والطائفة الصابئية ويختمها بالطائفة اليهودية وبعد 2003 سارت أمور الاوقاف شأنها شأن أمور البلاد الاخرى نحو التعددية، مع التحفظ على الفارق بين الواقع والمعنى للكلمة،ومن اجل التعرف عن كثب على شؤون وقف يخص شرائح مهمة من مكونات الشعب العراقي،كانت حتى وقت قريب تقع تحت طائلة التهميش والاقصاء من قبل نظام مركزي أحادي النظرة.
بدايات جديدة
لدى زيارتنا مقر ديوان اوقاف المسيحيين والطوائف الاخرى، ذكر لنا الاستاذ عبد الله هرمز ججو النوفلي أن وزارة الاوقاف في حكومة النظام السابق كانت قد حلت بموجب قرار صادر من مجلس الحكم برقم (29) بتاريخ (30/8/2003)،كما تم تأسيس ديوان اوقاف المسحيين والطوائف الاخرى بموجب قرار صادر من مجلس الحكم ايام حكم الدكتور ابراهيم الجعفري، بالرقم (79) في (3/11/2007)، كجهة غير مرتبطة بوزارة، لكنها تابعة لمجلس الوزراء، ويضم الديوان ثلاث مديريات اساسية هي المديرية العامة لاوقاف المسيحيين والمديرية العامة لاوقاوف الصابئة المندائيين والمديرية العامة لاوقاف الايزيديين، مضافاً اليها عدد من الدوائر الادارية والمالية والاعلامية والهندسية وغيرها...
ويوضح النوفلي ان اليهود العراقيين من الطائفة الموسوية لم يتقدم احد منهم للانضمام لديواننا، وبتقديري ان الموجود منهم في عموم البلاد لايتجاوز الثلاثين شخصا..، وقبل هذا كله كان هناك مقترح لتأسيس وزارة اوقاف جديدة من قبل مجلس الحكم، غير أن فكرة تأسيس دواوين خاصة بالمذاهب والديانات لاقت قبولا عاما بناء على الاختلاف الفقهي بينها، فتأسس ديوان الوقف السني وديوان الوقف الشيعي ومن ثم ديوان اوقاف المسيحيين والطوائف الاخرى، تلت ذلك مداولات عدة جرت بيننا وممثلي الديانات الاخرى نتجت عنها مسودة مشروع قانون للديوان مستلهمين نص نظام رعاية الطوائف غير المسلمة والواقع المتغير التعددي والديمقراطي في البلاد.
وبشأن الطوائف المسيحية اشار الى أنها كلها تنتمي الى اربعة مذاهب رئيسة هي الكاثوليكية والارثوذكسية والبروستانتية بالاضافة الى مذهب يختص بالعراق وحده وهو مايسمى بالنسطورية التي كانت في الاساس مجموعة كنائس آثورية،وكان المسيحيون يشكلون مانسبته (5%)من سكان العراق الى وقت قريب، غير ان هذا الرقم تناقص بسبب الاوضاع التي لم تكن طبيعية طوال الخمسين عاما المنصرمة.
المسيحيون ابناء العراق
معروف عن المسيحيين لاتحكمهم العلاقة العشائرية مثلما هو الامر عند المسلمين الذين شكلت تلك العلاقة بالنسبة لهم نوعا من الحماية لوجودهم، بينما المسيحي ليس لديه (حزام ظهر) سوى القانون الذي لم يكن عادلا معهم في معظم الاحيان، في الوقت الذي يكون فيه المسلم محتميا بعشيرته لحظة شعوره بخطر او تهديد ما، ومعروف عن المسيحيين أنهم مسالمون ودودون ومخلصون في أي عمل او مكان كانوا فيه ولذا اكتسبوا عبر تاريخ مواطنتهم في كل انحاء العراق محبة واحترام الجميع , وكان لهم دور مهم ومعروف في شتى المناحي الاجتماعية والسياسية طوال تاريخ العراق، كما شغلوا ايام العهد الملكي مناصب وزارية مهمة، ويخبرنا التاريخ كيف كان لهم دور حاسم في حل مشكلة عائدية مدينة الموصل وتخليصها من براثن الحكم التركي آنذاك واعادتها الى حاضنتها الام العراق، حيث ارسل بطريرك الكلدان رسالته المشهورة الى عصبة الامم والتي حسمت الموقف. كما ان الكثير من المواقف تشهد للمسيحيين وفاءهم لمواطنتهم وانتماءهم لعراقيتهم عبر مشاركتهم في اللحظات العصيبة في نضال شعبهم العراقي وبذلهم اموالهم وحتى حياتهم، وهناك اسماء لامعة من شهدائهم تشهد بذلك. ولم يزل المسيحيون اليوم، على الرغم من كل ماتعرضوا ويتعرضون له من هجمات حاقدة على كنائسهم وتجمعاتهم واملاكهم مجتهدين في الانتماء لوطنهم رغم ان نسبتهم تناقصت حتى بلغت (2%) من تعداد الشعب العراقي.
نشاط دائب في خدمة
الطوائف
وبشأن آلية الاشراف على الاوقاف اخبرنا رئيس الديوان أن هناك متولين على شؤون الاوقاف، والمعتاد ان رئيس الطائفة هو من يقوم بوظيفة متولي شؤون الاوقاف، فيما كان الامر في السابق يتولى شؤون الاوقاف موظف يعين بقرار من اعلى سلطة في الدولة بموجب مرسوم جمهوري او قرار وزاري، ولكن اليوم صار من واجب رئيس الطائفة تولي اوقاف طائفته وفقا لتعليمات نظام الطوائف وبدعم ورعاية مستمرين من قبلنا، ومن ناحية اخرى لدينا صلاحية المراقبة والنظر في الشكاوى المقدمة ضد المتولي لأن القانون منحنا صلاحيات وزير، وفي حال أخل المتولي بواحد من شرط توليته، نشكل هيئة محكمة خاصة لهذا الغرض وقد يعزل المتولي في حلة ثبوت تقصيره، ومن ثم يتم استبداله، نحن نقوم بتلك الاجراءات وغيرها حفظا لاموال اوقفتها جهات خيرية واناس اخيار لخدمة الكنائس والاديرة ومتعلقات الطائفة من طقوس دفن الموتى والصلاة على ارواحهم، وتقدير حاجة المحتاجين والمرضى وغير ذلك مما يقتضي مد يد العون والمساعدة، وايضا القيام بتأهيل بعض المرفقات الكنسية التي تحتاج التأهيل. كما اننا نتبنى اقامة بعض المشاريع الاستثمارية وحاليا لدينا مشروع فازت بمقاولته شركة من دهوك.
أصل العراقيين والتهميش
واشتكى النوفلي من ان لديهم مشكلة مع وزارة المالية التي منحتهم التخصيصات المالية المستحقة لهم من غير ان تتوسع في منحهم ابواب الصرف المتناسبة مع حجم الاموال التي بحوزتهم سيما التوسع في عدد الكادر حيث المعاناة في توفر العاملين في المشاريع التي يقوم الديوان بتنفيذها. أما بشان الرعاية والدعم الحكوميين اللذين يلقاهما الديوان اوضح : مثلما يعاملنا القانون جميعا كعراقيين بغض النظر عن القومية والمعتقد والديانة، ومثلما يمنحنا قانون القوانين (الدستور) حقوقنا كمواطنين عراقيين، فاذا كنا نطالب بمنحنا امتيازا خاصا كمسيحيين فاننا لن نخالف القوانين كوننا سكان العراق الاصليين، ودول العالم تمنح سكانها الاصليين حقوقا مضافة منعا لانقراضهم. المسيحيون هم احفاد شرعيون للآشوريين والسومريين، وهم موجودون قبل ظهور الديانات كلها، وايضا قبل هجرة قبائل الجزيرة العربية الى العراق، ويذكر التاريخ ان المسيحيين دافعوا عن بلدهم العراق مثل النعمان بن المنذر، وكان أحد قادة جيش صلاح الدين الايوبي مسيحيا، وكان المسيحيون من انصار الفتح الاسلامي، كما كان بطريارك الانصار نديما وجليسا حاضرا دائما في مجالس الخلفاء والولاة.
معاناة وشكاوى اخرى
وعلى وفق القانون من ناحية تشريعية تتساوى تماما كل صلاحيات وحقوق الاوقاف،الدينية الثلاثة (الشيعي،السني والمسيحي).غير ان الذي حصل ان الوقفين الشيعي والسني،استحوذا على كل ملاكات وزارة الاوقاف المنحلة، التي كانت تحتوي،فيما يخص المسيحيين قسما مكونا من موظفين لايتجاوز عددهم اصابع اليد الواحدة ونحن ورثنا ذلك القسم لذا ماتزال المشكلة قائمة مابين التخصيصات التي يتمتع بها الوقف المسيحي وحجم الملاكات الصغير جدا بمعنى،أننا لدينا أموال وليس ملاكات كيما ننفذ بها مشاريعنا، ميزانيتنا لهذا العام تبلغ(18) مليار دينار ونفتقر الى ملاكات يمكن لنا من خلالها تنفيذ مشاريعنا لتأهيل وبناء الكنائس،والاديرة المختلفة في العراق.ونعاني ايضا محدودية ابواب الصرف التي تضعها وزارة المالية مثلا، فليس لدي صلاحية لانقاذ مريض يحتاج الى عملية جراحية كلفتها ملايين الدنانير في حين لدي صلاحية لانشاء بناية تكلف اضعاف ذلك المبلغ،اذن المواطن المسيحي له كل الحقوق وفق القوانين ولكن على مستوى تنفيذي لاينطبق هذا الامر،اذ ان الموضوع يتعلق بشخص المسؤول، وغالبا لم يحض المسيحي بمن يمنحه الافضلية بموضوعات التعينيات او التنسيب او التنقل بين الدوائر.
كما ان المسيحيين، يشكون من بعض الثغرات في تطبيق القانون مثلا لدينا مادة مقررة في التدريس بالنسبة الى المدارس ذات الاغلبية المسيحية وهي مادة الدين المسيحي والتي تفتقر الى كادر يقوم بتدريسها لعدم تعاون وزارة التربية في ذلك، وكذلك بالنسبة الى وزارة التعليم العالي، ففي كلية اللغات هناك قسم للغة السريانية، ومعروف ان الاول على قسمه في جميع الكليات تعينه الوزارة على الملاك، والذي حصل ان الاول على قسم اللغة السريانية لم يعين.هذه نماذج من مشكلات اكبر من مثل ان لجنة الاوقاف في البرلمان، تخلو من اي مسيحي او صابئي، او ايزيدي،وهذا تمييز في التعامل غير جائز وغير مقبول ابدا..واذا دخلنا في تفاصيل اكثر فان هناك الكثير من المشكلات القائمة من دون حل.
ويضيف عبد الله النوفلي..ليس لدينا مشكلة مع الدولة وسياقاتها، ولكن الخلل يكمن في ان المسؤول القائم على مفصل من مفاصلها يمكن له ان يلحق الحيف بالمواطن الذي هو من غير طائفته ومذهبه،وهذا يشمل جميع الطوائف والمذاهب من دون استثناء.
الامل بنضوج الديمقراطية
على العموم لم نزل مبتدئين في مشوار الديمقراطية،العالم يقيس عمر الديمقراطية وتقدمها بعدد مرات الانتخاب، كل مرة انتخابية تعادل عاما من عمر الديمقراطية، وليس لدينا نحن سوى مرتين انتخابيتين، لذا فان عمر الديمقراطية عندنا لم يزل رضيعا،بحاجة الى رعاية وعناية شديدتين، ويجب ان لانيأس من كوننا ما زلنا اطفالا ديمقراطيين، اذا صح التعبير، ومؤكد سيتغير الوضع عندما يذهب المواطن لصناديق الاقتراع لانتخاب مرشحه الخاص، من دون انتمائه لمرجعية دينية او قومية او سياسية،فقط لسمعته واخلاصه, وحينئذ سيكون البرلمان بخير والشعب العراقي ومستقبله بخير..، ونحن نطالب من هنا بشطب المعلومات التي تخص العشيرة والديانة من الوثائق الرسمية الاخيرة لجميع العراقيين سوى انتمائهم للعراق.
إذاعة وحراك ثقافي.. واستغاثة
غادرنا مكتب رئيس ديوان اوقاف المسيحين والطوائف الاخرى متوجهين الى مكتب المفتش العام في الديوان،كان الاستاذ ازاد هرمز العمادي الذي أوضح طبيعة عمل مكتبه : قمنا بتهيئة مسودة مشروع قانون الاحوال الشخصية للمسيحيين في العراق،وقام بكتابة هذه المسودة عدد من المختصين بعلم القانون،كما ان لدينا مشاريع قوانين اخرى تصب جميعها في تنظيم العلاقات الاجتماعية والانسانية والحقوقية بين شتى الطوائف المسيحية، كما ان مهمة مكتبنا متابعة ميدانية لمشاريع وعقود الديوان لشتى مديرياته التي تنتشر اوقافها على طول البلاد وعرضها من البصرة حتى دهوك. وللديوان علاقات متعددة مع العديد من الجهات الداخلية والخارجية، كما ان لمجموعة الطوائف الكاثوليكية علاقات مباشرة مع الحضرة البابوية في الفاتيكان سيما الطائفة الكلدانية.
وفي مكتب العلاقات والاعلام أخبرتنا الآنسة تانيا عن نشاطات الديوان الثقافية : تأسس قسم العلاقات والاعلام في(1/11/2007) وهوعمر قصير في قياس الزمن ولكن نشاطاتنا كثيرة ومستمرة، ومنها اقامة حفلات تخرج رياض الاطفال، والمسابقات الادبية والعلمية بين المدارس المسيحية،كما نقوم بالتعاون مع معهد الرجاء بإقامة أصبوحات ثقافية كل يوم سبت، يحاضر فيها عدد من المختصين والاكاديميين وتتوزع موضوعاتها على شتى الحقول المعرفية والدينية والعلمية والادبية،كما اننا نرعى مخطوطات المؤلفين المسيحيين ونقوم بطباعتها وتوزيعها على نفقة الديوان، وقد انجزنا طباعة وتوزيع (18) كتابا حتى الآن، ولدينا حاليا من3-4 كتب تحت الطبع ومن5-6 مخطوطات تنتظر دورها في الطبع، وجدير بالذكران هناك مؤتمر ثقافي سنقيمه قريبا وانتم مدعوون لحضوره.وقمنا بنصب كامل لاجهزة ومستلزمات اذاعة fm)) ستغطي محافظة بغداد كمرحلة أولى ولم يبق سوى ان نحصل على الاجازة والتردد لكي نقوم بالبث الذي سيشمل التراتيل والمحاضرات والموسيقى الكلاسيكية وشتى المواضيع الثقافية .
المصادر من منشورات المدى ومن تاريخ المسيح
علي الغزي
كثيـــــر مـــــن المــواقــف تشهـــد للمــسيحيـين وفــاءهـــم لمــواطنتهـــم
يذكر نظام رعاية الطوائف الدينية ذو الرقم (32) لسنة (1981) المنشور في جريدة الوقائع العراقية /العدد(2852) في5 /10/1981/ في المادة الاولى من بابه الاول (تتولى الوزارة –يقصد الاوقاف- تنظيم وادارة شؤون الطوائف الدينية –يقصد غير المسلمة – وأوقافها) ويحدد في ملحقه المنشور في ذات الجريدة / العدد(2867) في (18/1/1981) أربع عشرة طائفة مسيحية بالاضافة للطائفة الايزيدية والطائفة الصابئية ويختمها بالطائفة اليهودية وبعد 2003 سارت أمور الاوقاف شأنها شأن أمور البلاد الاخرى نحو التعددية، مع التحفظ على الفارق بين الواقع والمعنى للكلمة،ومن اجل التعرف عن كثب على شؤون وقف يخص شرائح مهمة من مكونات الشعب العراقي،كانت حتى وقت قريب تقع تحت طائلة التهميش والاقصاء من قبل نظام مركزي أحادي النظرة.
بدايات جديدة
لدى زيارتنا مقر ديوان اوقاف المسيحيين والطوائف الاخرى، ذكر لنا الاستاذ عبد الله هرمز ججو النوفلي أن وزارة الاوقاف في حكومة النظام السابق كانت قد حلت بموجب قرار صادر من مجلس الحكم برقم (29) بتاريخ (30/8/2003)،كما تم تأسيس ديوان اوقاف المسحيين والطوائف الاخرى بموجب قرار صادر من مجلس الحكم ايام حكم الدكتور ابراهيم الجعفري، بالرقم (79) في (3/11/2007)، كجهة غير مرتبطة بوزارة، لكنها تابعة لمجلس الوزراء، ويضم الديوان ثلاث مديريات اساسية هي المديرية العامة لاوقاف المسيحيين والمديرية العامة لاوقاوف الصابئة المندائيين والمديرية العامة لاوقاف الايزيديين، مضافاً اليها عدد من الدوائر الادارية والمالية والاعلامية والهندسية وغيرها...
ويوضح النوفلي ان اليهود العراقيين من الطائفة الموسوية لم يتقدم احد منهم للانضمام لديواننا، وبتقديري ان الموجود منهم في عموم البلاد لايتجاوز الثلاثين شخصا..، وقبل هذا كله كان هناك مقترح لتأسيس وزارة اوقاف جديدة من قبل مجلس الحكم، غير أن فكرة تأسيس دواوين خاصة بالمذاهب والديانات لاقت قبولا عاما بناء على الاختلاف الفقهي بينها، فتأسس ديوان الوقف السني وديوان الوقف الشيعي ومن ثم ديوان اوقاف المسيحيين والطوائف الاخرى، تلت ذلك مداولات عدة جرت بيننا وممثلي الديانات الاخرى نتجت عنها مسودة مشروع قانون للديوان مستلهمين نص نظام رعاية الطوائف غير المسلمة والواقع المتغير التعددي والديمقراطي في البلاد.
وبشأن الطوائف المسيحية اشار الى أنها كلها تنتمي الى اربعة مذاهب رئيسة هي الكاثوليكية والارثوذكسية والبروستانتية بالاضافة الى مذهب يختص بالعراق وحده وهو مايسمى بالنسطورية التي كانت في الاساس مجموعة كنائس آثورية،وكان المسيحيون يشكلون مانسبته (5%)من سكان العراق الى وقت قريب، غير ان هذا الرقم تناقص بسبب الاوضاع التي لم تكن طبيعية طوال الخمسين عاما المنصرمة.
المسيحيون ابناء العراق
معروف عن المسيحيين لاتحكمهم العلاقة العشائرية مثلما هو الامر عند المسلمين الذين شكلت تلك العلاقة بالنسبة لهم نوعا من الحماية لوجودهم، بينما المسيحي ليس لديه (حزام ظهر) سوى القانون الذي لم يكن عادلا معهم في معظم الاحيان، في الوقت الذي يكون فيه المسلم محتميا بعشيرته لحظة شعوره بخطر او تهديد ما، ومعروف عن المسيحيين أنهم مسالمون ودودون ومخلصون في أي عمل او مكان كانوا فيه ولذا اكتسبوا عبر تاريخ مواطنتهم في كل انحاء العراق محبة واحترام الجميع , وكان لهم دور مهم ومعروف في شتى المناحي الاجتماعية والسياسية طوال تاريخ العراق، كما شغلوا ايام العهد الملكي مناصب وزارية مهمة، ويخبرنا التاريخ كيف كان لهم دور حاسم في حل مشكلة عائدية مدينة الموصل وتخليصها من براثن الحكم التركي آنذاك واعادتها الى حاضنتها الام العراق، حيث ارسل بطريرك الكلدان رسالته المشهورة الى عصبة الامم والتي حسمت الموقف. كما ان الكثير من المواقف تشهد للمسيحيين وفاءهم لمواطنتهم وانتماءهم لعراقيتهم عبر مشاركتهم في اللحظات العصيبة في نضال شعبهم العراقي وبذلهم اموالهم وحتى حياتهم، وهناك اسماء لامعة من شهدائهم تشهد بذلك. ولم يزل المسيحيون اليوم، على الرغم من كل ماتعرضوا ويتعرضون له من هجمات حاقدة على كنائسهم وتجمعاتهم واملاكهم مجتهدين في الانتماء لوطنهم رغم ان نسبتهم تناقصت حتى بلغت (2%) من تعداد الشعب العراقي.
نشاط دائب في خدمة
الطوائف
وبشأن آلية الاشراف على الاوقاف اخبرنا رئيس الديوان أن هناك متولين على شؤون الاوقاف، والمعتاد ان رئيس الطائفة هو من يقوم بوظيفة متولي شؤون الاوقاف، فيما كان الامر في السابق يتولى شؤون الاوقاف موظف يعين بقرار من اعلى سلطة في الدولة بموجب مرسوم جمهوري او قرار وزاري، ولكن اليوم صار من واجب رئيس الطائفة تولي اوقاف طائفته وفقا لتعليمات نظام الطوائف وبدعم ورعاية مستمرين من قبلنا، ومن ناحية اخرى لدينا صلاحية المراقبة والنظر في الشكاوى المقدمة ضد المتولي لأن القانون منحنا صلاحيات وزير، وفي حال أخل المتولي بواحد من شرط توليته، نشكل هيئة محكمة خاصة لهذا الغرض وقد يعزل المتولي في حلة ثبوت تقصيره، ومن ثم يتم استبداله، نحن نقوم بتلك الاجراءات وغيرها حفظا لاموال اوقفتها جهات خيرية واناس اخيار لخدمة الكنائس والاديرة ومتعلقات الطائفة من طقوس دفن الموتى والصلاة على ارواحهم، وتقدير حاجة المحتاجين والمرضى وغير ذلك مما يقتضي مد يد العون والمساعدة، وايضا القيام بتأهيل بعض المرفقات الكنسية التي تحتاج التأهيل. كما اننا نتبنى اقامة بعض المشاريع الاستثمارية وحاليا لدينا مشروع فازت بمقاولته شركة من دهوك.
أصل العراقيين والتهميش
واشتكى النوفلي من ان لديهم مشكلة مع وزارة المالية التي منحتهم التخصيصات المالية المستحقة لهم من غير ان تتوسع في منحهم ابواب الصرف المتناسبة مع حجم الاموال التي بحوزتهم سيما التوسع في عدد الكادر حيث المعاناة في توفر العاملين في المشاريع التي يقوم الديوان بتنفيذها. أما بشان الرعاية والدعم الحكوميين اللذين يلقاهما الديوان اوضح : مثلما يعاملنا القانون جميعا كعراقيين بغض النظر عن القومية والمعتقد والديانة، ومثلما يمنحنا قانون القوانين (الدستور) حقوقنا كمواطنين عراقيين، فاذا كنا نطالب بمنحنا امتيازا خاصا كمسيحيين فاننا لن نخالف القوانين كوننا سكان العراق الاصليين، ودول العالم تمنح سكانها الاصليين حقوقا مضافة منعا لانقراضهم. المسيحيون هم احفاد شرعيون للآشوريين والسومريين، وهم موجودون قبل ظهور الديانات كلها، وايضا قبل هجرة قبائل الجزيرة العربية الى العراق، ويذكر التاريخ ان المسيحيين دافعوا عن بلدهم العراق مثل النعمان بن المنذر، وكان أحد قادة جيش صلاح الدين الايوبي مسيحيا، وكان المسيحيون من انصار الفتح الاسلامي، كما كان بطريارك الانصار نديما وجليسا حاضرا دائما في مجالس الخلفاء والولاة.
معاناة وشكاوى اخرى
وعلى وفق القانون من ناحية تشريعية تتساوى تماما كل صلاحيات وحقوق الاوقاف،الدينية الثلاثة (الشيعي،السني والمسيحي).غير ان الذي حصل ان الوقفين الشيعي والسني،استحوذا على كل ملاكات وزارة الاوقاف المنحلة، التي كانت تحتوي،فيما يخص المسيحيين قسما مكونا من موظفين لايتجاوز عددهم اصابع اليد الواحدة ونحن ورثنا ذلك القسم لذا ماتزال المشكلة قائمة مابين التخصيصات التي يتمتع بها الوقف المسيحي وحجم الملاكات الصغير جدا بمعنى،أننا لدينا أموال وليس ملاكات كيما ننفذ بها مشاريعنا، ميزانيتنا لهذا العام تبلغ(18) مليار دينار ونفتقر الى ملاكات يمكن لنا من خلالها تنفيذ مشاريعنا لتأهيل وبناء الكنائس،والاديرة المختلفة في العراق.ونعاني ايضا محدودية ابواب الصرف التي تضعها وزارة المالية مثلا، فليس لدي صلاحية لانقاذ مريض يحتاج الى عملية جراحية كلفتها ملايين الدنانير في حين لدي صلاحية لانشاء بناية تكلف اضعاف ذلك المبلغ،اذن المواطن المسيحي له كل الحقوق وفق القوانين ولكن على مستوى تنفيذي لاينطبق هذا الامر،اذ ان الموضوع يتعلق بشخص المسؤول، وغالبا لم يحض المسيحي بمن يمنحه الافضلية بموضوعات التعينيات او التنسيب او التنقل بين الدوائر.
كما ان المسيحيين، يشكون من بعض الثغرات في تطبيق القانون مثلا لدينا مادة مقررة في التدريس بالنسبة الى المدارس ذات الاغلبية المسيحية وهي مادة الدين المسيحي والتي تفتقر الى كادر يقوم بتدريسها لعدم تعاون وزارة التربية في ذلك، وكذلك بالنسبة الى وزارة التعليم العالي، ففي كلية اللغات هناك قسم للغة السريانية، ومعروف ان الاول على قسمه في جميع الكليات تعينه الوزارة على الملاك، والذي حصل ان الاول على قسم اللغة السريانية لم يعين.هذه نماذج من مشكلات اكبر من مثل ان لجنة الاوقاف في البرلمان، تخلو من اي مسيحي او صابئي، او ايزيدي،وهذا تمييز في التعامل غير جائز وغير مقبول ابدا..واذا دخلنا في تفاصيل اكثر فان هناك الكثير من المشكلات القائمة من دون حل.
ويضيف عبد الله النوفلي..ليس لدينا مشكلة مع الدولة وسياقاتها، ولكن الخلل يكمن في ان المسؤول القائم على مفصل من مفاصلها يمكن له ان يلحق الحيف بالمواطن الذي هو من غير طائفته ومذهبه،وهذا يشمل جميع الطوائف والمذاهب من دون استثناء.
الامل بنضوج الديمقراطية
على العموم لم نزل مبتدئين في مشوار الديمقراطية،العالم يقيس عمر الديمقراطية وتقدمها بعدد مرات الانتخاب، كل مرة انتخابية تعادل عاما من عمر الديمقراطية، وليس لدينا نحن سوى مرتين انتخابيتين، لذا فان عمر الديمقراطية عندنا لم يزل رضيعا،بحاجة الى رعاية وعناية شديدتين، ويجب ان لانيأس من كوننا ما زلنا اطفالا ديمقراطيين، اذا صح التعبير، ومؤكد سيتغير الوضع عندما يذهب المواطن لصناديق الاقتراع لانتخاب مرشحه الخاص، من دون انتمائه لمرجعية دينية او قومية او سياسية،فقط لسمعته واخلاصه, وحينئذ سيكون البرلمان بخير والشعب العراقي ومستقبله بخير..، ونحن نطالب من هنا بشطب المعلومات التي تخص العشيرة والديانة من الوثائق الرسمية الاخيرة لجميع العراقيين سوى انتمائهم للعراق.
إذاعة وحراك ثقافي.. واستغاثة
غادرنا مكتب رئيس ديوان اوقاف المسيحين والطوائف الاخرى متوجهين الى مكتب المفتش العام في الديوان،كان الاستاذ ازاد هرمز العمادي الذي أوضح طبيعة عمل مكتبه : قمنا بتهيئة مسودة مشروع قانون الاحوال الشخصية للمسيحيين في العراق،وقام بكتابة هذه المسودة عدد من المختصين بعلم القانون،كما ان لدينا مشاريع قوانين اخرى تصب جميعها في تنظيم العلاقات الاجتماعية والانسانية والحقوقية بين شتى الطوائف المسيحية، كما ان مهمة مكتبنا متابعة ميدانية لمشاريع وعقود الديوان لشتى مديرياته التي تنتشر اوقافها على طول البلاد وعرضها من البصرة حتى دهوك. وللديوان علاقات متعددة مع العديد من الجهات الداخلية والخارجية، كما ان لمجموعة الطوائف الكاثوليكية علاقات مباشرة مع الحضرة البابوية في الفاتيكان سيما الطائفة الكلدانية.
وفي مكتب العلاقات والاعلام أخبرتنا الآنسة تانيا عن نشاطات الديوان الثقافية : تأسس قسم العلاقات والاعلام في(1/11/2007) وهوعمر قصير في قياس الزمن ولكن نشاطاتنا كثيرة ومستمرة، ومنها اقامة حفلات تخرج رياض الاطفال، والمسابقات الادبية والعلمية بين المدارس المسيحية،كما نقوم بالتعاون مع معهد الرجاء بإقامة أصبوحات ثقافية كل يوم سبت، يحاضر فيها عدد من المختصين والاكاديميين وتتوزع موضوعاتها على شتى الحقول المعرفية والدينية والعلمية والادبية،كما اننا نرعى مخطوطات المؤلفين المسيحيين ونقوم بطباعتها وتوزيعها على نفقة الديوان، وقد انجزنا طباعة وتوزيع (18) كتابا حتى الآن، ولدينا حاليا من3-4 كتب تحت الطبع ومن5-6 مخطوطات تنتظر دورها في الطبع، وجدير بالذكران هناك مؤتمر ثقافي سنقيمه قريبا وانتم مدعوون لحضوره.وقمنا بنصب كامل لاجهزة ومستلزمات اذاعة fm)) ستغطي محافظة بغداد كمرحلة أولى ولم يبق سوى ان نحصل على الاجازة والتردد لكي نقوم بالبث الذي سيشمل التراتيل والمحاضرات والموسيقى الكلاسيكية وشتى المواضيع الثقافية .
المصادر من منشورات المدى ومن تاريخ المسيح